بغداد | في نهايةٍ متوقعة، وبعدَ عامين من المطالبات بنقله إلى الخارج للعلاج، توفي محمد علي الخفاجي (1942ـــ 2012) وجرى تشييعه من مقر «اتحاد الأدباء والكتاب» في بغداد بحسب وصيته. ناشدَ اتحاد الأدباء في كربلاء، وقبله في بغداد، بضرورةِ التحرّك السريع لإنقاذ حياة الشاعر الذي كان علاجه ممكناً لو انشغلت الصحف والفضائيات بتنظيم حملة ضغط على الجهات الحكومية المعنيّة، أو اتفقت الأقسام الثقافية للصحف البغدادية على صياغة بيان أو دعوة تهدف إلى إقرار قانون رعاية الروّاد، ووضع الدولة أمام مسؤولياتها في الحفاظ على الإنسان العراقي، وخصوصاً الكتاب والفنانين. الغياب المؤسف للخفاجي المولود في كربلاء، يعيدنا مجدداً إلى مسيرته كشاعر ومسرحي. هو صاحبُ النتاجات المميزة والجوائز المعروفة، وخصوصاً في المسرح الشعريّ، ومنها مسرحيّة «ثانيةً يجيء الحسين» التي فازت بجائزة الجامعة العربيّة.
وكانت قد فازت قبل ذلك بـ«جائزة المسرح العراقيّ» في ستينيات القرن الماضي، ثمّ دخلت ضمن المنهاج الدراسي للمرحلتين المتوسطة والإعدادية، ومسرحية «أبو ذر يصعدُ معراجَ الرفض» التي فازت بجائزة الأونيسكو عام 1980، وأدخلت في المنهاج الدراسيّ في الجزائر، بينما فازت مسرحيته الشعريّة «وأدرك شهرزاد الصباح» بـ«جائزة المسرح العراقيّ» عام 1973، في حين حازت «حين يتعب الراقصون ترقص القاعة» جائزة «اتحاد الكتّاب المغاربة» عام 1974، مع مسرحيات شعريّة أخرى مثل «أحدهم يسلم القدس هذه الليلة»، و«حريّة بكفّ صغير»، و«ذهب ليقود الحلم» تأليف مشترك، و«نوح لا يركب السفينة»، و«جائزة الرأس»، وكانت له مغامرة التجريب في الأوبرا عندما كتب «سنمار». إلى جانب المسرح، أصدر الراحل العديد من المجاميع الشعريّة منها: «شباب وسراب» (1964)، و«مهراً لعينيها» (1965)، و«لو ينطق النابالم» (1967)، و«لم يأت أمس سأقابله الليلة» (1975)، «يحدث بالقرب منا» (2001)، «البقاء في البياض أبداً» (2005)، و«الهامش يتقدّم» (2009).
الكلامُ عن مصير الخفاجي الذي لم يكن صعباً الحفاظُ على حياته، ليسَ دعوةً مستهلكةً إلى رثاء مكرور ومعتاد. هو تذكيرٌ بحالٍ لا بدّ أن ينتهي بصيغٍ قانونيةٍ تكفل علاج الرواد ورعايتهم. أما الرثاء، فإنّ الشاعر تكفّل به قبلَ غيره في مقطعٍ من نصّ «نزهة الخوف»: «لم يعد للرشيدِ سوى شارعٍ مهمل/ والمحلات خاوية/ وهي محروسة بالتبسمل والصلوات/ ها هنا.. كلّ شيء موات».