غزة | بات واضحاً أن الإعلامي المصري توفيق عكاشة ليس شخصية عابرة بنظر السلطة الفلسطينية. بل شخصية وازنة ترخي بظلالها على المنظومة الإعلاميّة الفلسطينية. هذه المنظومة الرسمية مسّتها أخيراً يد السلطة الطولى، فأقالت مدير عام الأخبار في قناة "فلسطين" أحمد زكي.
تغريدة خارج السرب معارضة لفتح "فلسطين" شاشتها لعكاشة كانت كفيلة بالإطاحة بزكي. بذلك، اتسعت رقعة السجالات والانقسامات في أروقة القناة التي تعاني أصلاً من الترهّل والتفكّك، والمنكفئة خلف اللغة الانهزامية. أول من أمس، ضجّت المواقع الإخبارية بنبأ الإقالة دون أن ينفي زكي ذلك أو يؤكده. لكنه سرعان ما أكّد أمس على الفايسبوك أنه تمّ عزله عن القناة قسراً، بعدما تلقّى مكالمة من ديوان الرئاسة تفيده بذلك. وقال زكي: "وجدت الخبر مسرباً إلى وسائل الإعلام من موظفين في التلفزيون كانوا يعلمون بخبر إقالتي قبل أن أبلّغ بها". وأضاف: "أعتبر نفسي جندياً وفياً للوطن من دون مواربة أو مزايدة على أحد. موقفي من عكاشة لم يهدف النيل من أحد، لكن كانت المكافأة الكبرى إقالتي بعد عشرين سنة من العمل الإعلامي الذي لم ينحرف عن الخط الوطني". من لحظة اعتراض زكي الحادّ على استضافة عكاشة، أطلقت ذيول السلطة ألسنتها تجاه زكي. لكن ذلك لم يدفع الأخير إلى التلوّن وإعادة تدارك الموقف بالاعتذار لعكاشة. ظلّ مصّراً على موقفه، ولم يمل باتجاه أهواء السلطة ومزاجها الرافض لتغريدة يتيمة تنال من "الأراجوز". اللافت هنا أن الصحافة الإسرائيلية تلقّفت هذا الخبر، وأضاءت على الإقالة بعين الأهمية. نصبت صحافة العدو أمام أعين القراء سؤالين جوهريين حول مدى تدخّل الرئيس في الإعلام الفلسطيني دون رادع، والآخر مرتبط بالسر الدفين للعلاقات الحميمية التي تربط عباس بعكاشة، وخصوصاً أن الأخير قال مراراً إنه يكّن حباً شديداً للرئيس. في المحصّلة، يبدو أن انعكاسات هذه الإقالة لا تقتصر على وضوح زيف عبارة الرئيس "الحرية في فلسطين سقفها السماء" وعباراته الخشبية الأخرى عن حرية التعبير، بل تمتدّ لتطرح سؤالاً ملحّاً حول تحوّل منبع السخرية والهرج إلى شخصية سيادية تتحكّم بمصائر الإعلاميين الفلسطينيين!