القاهرة | «لا تعليق على أحكام القضاء، هذا إذا كنت تعتبر الحُكم ظالماً لك. أما لو كان مُنصفاً، فلا مانع من التهليل والفرح وتوجيه الشكر للقاضي». هكذا علّق محبّو الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك على الحكم الأخير بتبرئته من التهم المنسوبة إليه. أما المعترضون، فكان التصرّف معهم مختلفاً سواء في التظاهرات الغاضبة أو عبر الشاشات. يُدرك الغاضبون من مبارك أن براءته كانت واردة. لكنّ المصريين لم يتوقعوا ما يجري حالياً من غسيل لمظاهر «ثورة يناير» إلى درجة أن يصف مذيع مبارك بـ «سيادة الرئيس» على الهواء مباشرة.فيما ابتعد 13 إعلامياً من الشاشات منذ حزيران (يونيو) 2013 حتى الآن وفق إحصاء لموقع «إعلام.أورغ» معظمهم محسوب على «ثورة يناير».
لم يتوقع من ظنّوا أن صوت الثورة خمد، أن تنطلق أصوات تدافع عن مطالب ميدان التحرير. كانت البداية مع أحمد خير الدين مقدّم نشرة أخبار الأحد الماضي على قناة «أون. تي. في»، الذي خالف القواعد الإعلامية وبدأ نشرة الثانية عشرة بمقدمة تدين أحكام البراءة.

كلمات خير الدين لم تطل أكثر من 30 ثانياً. بعد أوّل فاصل، مُنع من استكمال «شيفت الأخبار» الذي كان لا يزال في بدايته، وتردّدت أخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تحويله إلى التحقيق وإيقافه عن العمل.
توقّف برنامج عايدة سعودي
على «راديو هيتس»


لكن خير الدين خرج بعد الواقعة بساعات، مؤكّداً أن الأمر انتهى عند حدّ عدم استكمال قراءة النشرة في ذلك اليوم. لكن هل ستترك القنوات مذيعيها المحسوبين على الثورة من دون تنبيه بعدم خرق القواعد مجدداً؟ السؤال يجيب عنه تصدّر مقطع الفيديو الخاص بخير الدين قائمة الأكثر مشاهدة حسب يوتيوب. والأكيد أن القنوات الخاصة ستعمل على تفادي هذا الموقف حتى لا تحرج نفسها عند خروج الإعلامي عن النصّ والإضطرار لإبعاده لأنّه قال رأيه حتى لو بمخالفة قواعد قراءة النشرة. مساء الأحد نفسه، وقفت عايدة سعودي في برنامجها «ستديو هيتس» الذي يبثّ على «راديو هيتس» (التابع للدولة) على المحكّ. هاجمت المدافعين عن مبارك وحذّرت من حالة الإحباط التي تردّد صداها في الشارع المصري. لم تخرج الإعلامية إلى مستمعيها نهار الاثنين، واستغلت إدارة المحطة ثغرة إدارية ترتبط بأنّ سعودي منتدبة من الإذاعة المصرية وأوراق الانتداب الذي بدأ قبل ثلاث سنوات لم تكن قد تمّ تحديثها. كما ادعى مصدر مسؤول في «هيتس» أن هذا هو سبب عدم خروج المذيعة إلى متابعيها. وأيّاً كان مصير خير الدين وسعودي في المستقبل القريب، فالواقع يؤكّد أن الأصوات المخالفة لأيّ رأي رسمي، وكل الغاضبين من مبارك، ستغيب مرة أخرى عن الشاشات والإذاعات. حال تشبه تلك التي كانت تعيشها مصر قبل «25 يناير» 2011، لا مجال للمعارضة أو الرأي الآخر. مبارك كان وقتها خطاً أحمر وعاد كذلك، لكن الخط بات أكثر «متانة» من قبل.