بالتأكيد شاهدتم إعلان حفلة التينور اللبناني إدغار عون التي يتخلّلها إطلاق أسطوانته الجديدة ”Eclectic“. عون الذي يُعتَبَر من أهم المغنين في فئته (الغناء الأوبرالي / تينور) محلياً، لم يهتم سابقاً بحملةٍ إعلانية كبيرة ترافق مشاريعه الجديدة. لكن هذا لا يعني أنه جديد على الساحة الفنية. فهو ناشط منذ التسعينيات في تقديم الأمسيات في لبنان والعالم، وفي إنجاز بعض التسجيلات التي ذهبت حصة الأسد فيها إلى الأوبرا، وتحديداً المقتطفات المعروفة، على طريقة بافاروتي وكاريراس وغيرهما من زملائه العالميّين.
هذا المساء، يحيي إدغار عون، صاحب الإمكانات العالية في مجاله، أمسيةً ترافقه خلالها الأوركسترا الوطنية وعازف البيانو والمؤلف الشاب إليو كلاّسي، في مجمّع «بلاتيا» (ساحل علما/شمال بيروت). يتمحور البرنامج حول جديد عون الذي يحمل عنوان ”انتقائي“. وهنا ننتقل إلى محتوى الألبوم الذي يضم أعمالاً غنائية من ثقافات مختلفة، بالإضافة إلى ثلاث مقطوعات موسيقية من تأليف إليو كلاّسي الذي تولّى الإعداد الموسيقي أيضاً.
في هذا التسجيل يؤدي التينور اللبناني كلاسيكيات من الريبرتوار الأوبرالي الشعبي، لكنه، وتماهياً مع اسم الألبوم، اختار أيضاً عناوين من إثنيات مختلفة (أسبانية، برازيلية وفارسية) ومن خارج الأوبرا. في الألبوم أيضاً أعمال كلاسيكية غير غنائية (من عند فريدريك شوبان وغبريال فوريه)، تم توليفها بشكل مختلف عن تركيبتها الأصلية وأضاف عون أداءه الصوتي عليها من دون كلام (Vocalise). أما القوالب الموسيقية فتختلف بين عملٍ وآخر، إذ تبدأ من التوليف الغربي الكلاسيكي المحافظ وتبلغ الحديث والمعاصر (مثل التكنو)، مع الحفاظ على اللغات الأصلية للأعمال الغنائية جميعها (إيطالي، إسباني، فرنسي، برتغالي وفارسي)… وبعد جولة على الأعمال المتعددة المصادر والأجواء، يُختتم الألبوم بأحد أشهر الـAve Maria (للمؤلف الإطالي كاتشيني)، الصلاة التي لحّنها العديد من الموسيقيين حول العالم، لكن هنا تم إعدادها موسيقياً بما يتناقض مع نسختها الكلاسيكية الأصلية، من خلال عصرنتها جداً، ما قد يقسم الآراء حولها بين متقبِّل ورافض (من باب الفن وليس الدين طبعاً).
السنة الماضية، شارك إدغار عون في قيادة الجوقة التي رافقت زياد الرحباني خلال أمسيته في كنيسة مار الياس (أنطلياس)، كما شارك في الغناء المنفرد في بعض محطات البرنامج. هكذا، فاجأ الجمهور إيجاباً بأدائه لترتيلة ”المجد لك أيها المسيح“ التي اشتهرت بصوت الراحل جوزيف صقر، وكذلك بالنسبة إلى ترتيلة أخرى من ألحان زياد، هي ”إلهي رفعت إليك يدي“ التي غنّاها عون مع منال سمعان، فحققا معاً نتيجةً تليق بهذه التحفة الصعبة.