ضمن «برنامج الباحث الزائر»، تنظم «الجامعة الأميركية في بيروت» غداً وبعده لقاءً خاصاً مع الفنانة البصرية والسينمائية الإيرانية المعروفة شيرين نشْأَت (1957). في هذا اللقاء، سيُعرَض بعض أعمالها ويُناقَش بحضورها، كفيديو «المضطربة» (1998)، و«أوهام ومرايا» (2013)، بالإضافة إلى تحولها من التصوير الفوتوغرافي كما في سلسلتها «نساء الله» إلى سلسلة تجهيزات فيديو. بعد غد، سيعرض فيلمها «نساء بلا رجال» (2009) الذي حازت عنه جائزة الأسد الفضي في «مهرجان البندقية السينمائي الدولي» وتلي العرض مقابلة مع المخرجة اللبنانية كارول منصور.ولدت شيرين نشْأَت في إيران عام 1957 وغادرتها إبان الثورة الإسلامية لتدرس الفن في أميركا. حين عادت إلى إيران عام 1990، اصطدمت بكل التحولات الجذرية التي ألمّت بالدولة كما بالمجتمع ووضع المرأة خصوصاً بعد فرض الحجاب الإجباري. لم تعد تتعرف إلى ملامح البلد الذي نشأت فيه زمن إيران ما قبل الثورة.

هذا الصدام كانت ثمرته أول أعمال المخرجة «نساء الله» (1993 ـــ1997). سلسلة فوتوغرافية بالأسود والأبيض صورت فيها إيرانيات محجبات من بينهن نفسها، وقد كُتبت على وجوهن أو أجزاء من أجسادهن أبيات من الشعر الفارسي، بالإضافة إلى البندقية التي تأتي أحياناً في بعض اللقطات لتقصّ الوجه في منتصفه أو لتخرج من بين أصابع القدمين على نحو صادم، قد يزعزع سكينة الصورة الأولية التي تطرحها تعابير النساء الجامدة ظاهرياً، من دون أن يكون لهذا الجمود الطابع نفسه في كل مرة. بالأحرى، يبرز هذا الجمود أكثر كتعبير لم يكتمل، كأنه معلق في الزمن. معادلة تكررها المخرجة كل مرة بطريقة مختلفة. لكن ما يجمع هذه الصور هو قسوتها التي تكمن في هذا التعبير الملتبس الذي لا يتمكن المتفرّج من سبره، أو في تلك البندقية المصوبة مباشرة باتجاهه التي تعبّر عن عدائية يصعب تحديد وجهتها. هل هي العدائية التي يمارسها المجتمع الذكوري الإسلامي على المرأة؟ أم أن المرأة تتحول أداةً لهذه العدائية، وكل قسوة ذلك النظام تختمر في معالم وجهها حتى تصبح مثلها مثل البندقية التي ترمز أيضاً إلى الذكورة بإيحائها الجنسي المرتبط بالعضو الذكري؟ صورة المرأة المقاتلة هي ـ وفق نشْأت ـ مستوحاة من دور النساء الإيرانيات في الحرب الإيرانية العراقية، والاستغلال الإعلامي والسياسي لهذه الصورة. الثورة التي تطرحها نشْأت في أعمالها أيضاً ملتبسة. هي تجسد كل تمظهرات النظام الذكوري من إلغاء صوت المرأة وجسدها وتسييس قضيتها.
تتحول إلى أداة كما الصفحة البيضاء، لكنها تستخدم كل ذلك العنف وتحول مساره كما البندقية الموجهة إلى المتفرج، لتحثّ على الثورة المضادة. «المضطربة» هو أحد أوائل الأفلام التي شهرت نشْأت كمخرجة على مستوى عالمي وحازت عنه الجائزة العالمية في «بينالي البندقية». «المضطربة» تجهيز فيديو يعرض على شاشتين متوازيتين تصوّر كل منهما مشهداً مختلفاً. على الشاشة الأولى، رجل يغني على المسرح، فيما تُظهر الشاشة الثانية امرأة لا نرى منها إلا ظهرها. وفي الخلفية، نرى المسرح الخالي حتى تستدير صوب منتصف الشريط حين ينهي الرجل وصلته وتبدأ بالغناء بدورها. من خلال الإيقاع السينمائي والموسيقي الذي تصوغه ببراعة ويصل هذين العالمين المختلفين، تعبر المخرجة عن التناقض بين أدوار الجندر المفترضة. تصوّر المرأة الصامتة في البداية حيث لا جمهور يستمع حتى إليها، إلى أن تصدح فجأة بالغناء الذي يتحول تدريجاً إلى نوع من حشرجة أو صرخة موجهة صوب المتفرج غير المرئي الذي هو المشاهد الخارجي بطريقة قد تتماهى مع البندقية التي نراها في سلسلة «نساء الله». أما أحد أحدث أعمال الفنانة التي ستعرض ضمن هذا اللقاء، فهو فيلمها القصير «أوهام ومرايا» (2013) الشريط الدعائي القصير لـ«مهرجان فيينا السينمائي» الذي يدعو كل سنة مخرجاً معروفاً لتنفيذه.
العمل بالأسود والأبيض، تؤدي بطولته ناتالي بورتمان، وهو يصوّر بأسلوب تجريبي نزهة امرأة تمشي على الشاطئ، تلاحقها الأطياف وتأخذها إلى عوالم مختلفة. الفيلم الذي يبتعد عن الثيمات الأساسية للمخرجة في أعمالها حول الإسلام والمرأة الإيرانية ليغوص في عالم خيالي، خارج الزمن والمكان، يتوغل أكثر في تاريخ السينما. تعتبر نشْأت هذا العمل بمثابة تحية إلى كبار مخرجي السينما السوريالية كجان كوكتو، ولويس بونويل، والمخرجة التجريبية الأوكرانية مايا ديرن.

* لقاء مع شيرين نشْأت: 4 و5 تشرين الثاني (نوفمبر) ــــ «قاعة المعماري»، الجامعة الأميركية في بيروت




برنامج اللقاء

عند السادسة والنصف من مساء غد، تقدّم شيرين نشْأت لمحة عن تطوّر عملها في «قاعة المعماري» في «الجامعة الأميركية في بيروت». ستشرح الفنانة الإيرانية التحولات في توجهاتها والنقلات في أشكال فنها تحديداً، من الصورة الفوتوغرافية كما في سلسلتها مجموعتها «نساء الله» (1993-1997) إلى تجهيزات الفيديو (1997 - 2009)، وفيديو «المضطربة» و«أوهام ومرايا». أما عند السادسة والنصف من مساء الأربعاء 5 تشرين الثاني (نوفمبر)، فسيعرض فيلمها «نساء بلا رجال» (2009) في «قاعة المعماري»، تتبعه مقابلة مع السينمائية اللبنانية كارول منصور.