ما الحل للإضاءة على شباب يبحثون عن موقعهم في زمن مربك وسط ثقافة ملتبسة يتصدرها التلفزيون بعدما نالت نصيب الشهرة فيه ممثلات يعتمدن على التجميل أكثر من أي شيء آخر؟ سؤال يطرحه أكثر من ممثل شاب يتمتع بالموهبة، لكن الفرص لم تسعفه على إظهارها. الإجابة لا تتأخر، فسرعان ما تأتي من شركات تطرح مشروع الـ«ويب دراما» كبديل للتلفزيون. ضمن الوتيرة الحالية لتهافت الشباب على الإنترنت، وتحديداً على مواقع التواصل الاجتماعي، برز هذا الوسيط الجديد في ظل حاجتهم إلى مناقشة مواضيع لا تعالجها الدراما التلفزيونية.
على هذا المنوال، قُدِّمت مجموعة مشاريع عربية، لكن التجربة اللبنانية كانت أكثر فهماً للمعطيات الجديدة لهذا الفن، وأكثر قدرة على تقديم مادة ناضجة تحمل مقومات العمل الفني بآليات وأساليب حديثة. تمثلت الخطوة اللبنانية في مسلسلات عدة؛ أهمها «شنكبوت»، بينما أخفق أخيراً السيناريست السوري فؤاد حميرة في مقاربة واقع بلاده الدامي عندما قدم عملاً كوميدياً خاصاً بالانترنت حمل عنوان «نساء ورئيس» (الأخبار 16/2/2014).
على أي حال، يحزم بعض المنتجين أمتعتهم ويهاجرون إلى العالم الافتراضي، اعتقاداً منهم بأنّ جمهور التلفزيون إلى انحسار بسبب تكريس المشاهدة على قنوات الانترنت. آخر هذه الإنجازات على هذا الصعيد مسلسل «أول الغيث» (إخراج رودريغ حمّال،
يقارب العمل
التطرف الديني والعمليات الانتحارية

وإنجاز مجموعة من الكتّاب، وإنتاج مايا غصن، وبطولة وليد جابر، وداليا نعوس، وجيرار أغابيشيان وطارق بشاشة) الذي انتهى عرضه أخيراً، على أن يليه موسم ثان قريباً. في هذا العمل، تابعنا 15 حلقة مكثفة، حيث حققت كل واحدة أكثر من 150 ألف مشاهدة (لا تزيد مدة الواحدة على 6 دقائق)، وهي تقدم مواضع متشعبة، بدءاً من قصة رواد مهندس المعلوماتية الذي دفعته معطيات الزمن الرديء إلى القبول بوظيفة لا ترقى إلى مستواه العلمي، هي حارس أمن في أحد المستودعات الكائنة في ضواحي بيروت. عندما قبل بها، لم يكن يعرف بأن القدر سيسوقه نحو كشف حقائق كبيرة من خلال موقعه في العمل وملاحظاته الدقيقة لما يجري. وباستخدام قدراته في التهكير وخبرته في التكنولوجيا، سيتمكن من الكشف عن مؤامرة تتم حياكتها بشكل سري وتفقده أعز أصدقائه وتهدّد بشكل أوسع مصير الشعب اللبناني. وترتبط هذه المؤامرة بالفهم الخاطئ للدين وتسخيره لمصالح سوداء ترعاها جهات عدة ركبت موجة الربيع العربي وأسهمت في انتشار الفوضى في المنطقة بغية فرض واقع جديد.
العمل يقدم مجموعة متشابكة من المشاكل ويطرح قضايا راهنة يعيشها لبنان، مروراً بغسل دماغ الشباب في بعض المساجد، وانتهاء بملف شائك هو الاتجار بالأعضاء البشرية. هكذا، تنتقل الكاميرا بطريقة احترافية ومتقنة لتصور مشاهد العمل وتترك الملفات مفتوحة من دون نهايات واضحة، على أن تستكمل الحلقات قريباً بجزء ثان يبدأ تصويره قريباً. هكذا، من خلال إمكانيات بسيطة وبمشاركة مواهب شابة، قدم «أول الغيث» تجربة درامية تتفوق على غالبية ما تقدمه الدراما التلفزيونية في لبنان بسبب الجرأة الواضحة في ملامسة قضايا تقع في صلب الواقع الذي نعيش فيه. في اتصال مع «الأخبار»، تعلّق المنتجة مايا غصن على تجربة الـ«ويب دراما»، قائلةً إنّها «لاقت استحساناً وقبولاً عند جمهور الشباب لتماسها مع قضايا لم يسبق أن قُدِّمت لبنانياً. لكن الجهات الممولة والراعية لهذه المشاريع لن تكتفي بحجم المتابعة الكبير، بل تحتاج إلى دخول المعلن إلى هذه السوق وطرح إعلاناته على أشرطة الفيديو المحمّلة على الانترنت لتحقق الجهات المنتجة مردوداً مالياً يوازي ميزانية العمل، ويحقق هامشاً ولو بسيطاً من الربح يضمن الاستمرار لهذه التجارب الهامة».

https://www.youtube.com/user/awwalalghaith