الكتابة والوجود والحب. ليست هذه سوى الحقوق الأساسية والبسيطة التي يطالب بها عبد الله الطايع (الأخبار 12/6/2012) الذي يعدّ الكاتب المغربي الأول الذي يجاهر بمثليته ويناضل ضد رهاب المثلية والعنف الممارس، ليس فقط على المثليين، بل ضد كل أشكال العنف الذي يتعرض له المجتمع المغربي وينتجه أيضاً.
في سيرته الذاتية المتخيلة «جيش الخلاص» (2013) الذي عرض أخيراً في «المعهد الفرنسي في لبنان» ضمن فعاليات «كتّاب بين ثقافتين» (الأخبار2/10/2014)، يروي الطايع قصة عبد الله المراهق الذي يقيم مع عائلته الكبيرة والمتواضعة في حي شعبي في الدار البيضاء.
تتكون شخصيته الحساسة والهشة في ظل صورتين أبويتين: إحداهما عنيفة وذكورية تعود للأب، وأخرى هادئة ومغرية تعود إلى الأخ الأكبر الذي يكن له شغفاً حقيقياً يدفعه الى دخول غرفته خلسةً، ليتنشق اثره على أغطية السرير.  ورغم أنّ الفيلم أثار جدلاً كبيراً في المغرب بسبب تطرقه العلني إلى موضوع المثلية الجنسية، إلا أنّه لم يتم التركيز على ما تضمّنه من مشاهد عنيفة، من بينها مشهد يظهر الوالد وهو يغتصب الوالدة. كل ذلك يحدث خلف باب كان يطرقه الأولاد العاجزون عن نجدة والدتهم. 
ما يرفضه عبد الله الطايع ليس فقط الاختناق الذي يشعر به المثليون في مجتمع يمنعهم من الحب، بل إنّه يتمرد أيضاً على صورة الرجولة المشوهة التي تبرز من خلال العنف وتضاف الى ذاك الذي يمارسه المجتمع والعائلة على الفرد.
يسكن هذا العنف في كل الشخصيات المتناقضة. إنّها ضحية وجلاد في آن. تستنسخ الوالدة العنف الممارس ضدها من الأب على ابنها عبد الله، وتذله بكلام جارح، وتقصيه جسدياً عن المحيط العائلي الذي تتشاركه حصرياً مع بناتها. بدوره، يعنف عبد الله عشيقه السويسري مسبباً له الألم من دون سبب.
 تفضح علاقة عبد الله بعشيقه السويسري التوتر الحاصل بين الغرب والعرب، بين الأغنياء والفقراء، وبين المغاربة أنفسهم، بين من نجح في تخطي البؤس، ومن بقي مكبلاً بواقعه الاجتماعي.   
يملك عبد الله الطايع جرأة كشف التناقضات أو بالأحرى «التعتيم» الذي يسود المجتمع المغربي من خلال الصمت الذي يشكل عاملاً رئيساً في الفيلم. بصمت، يعرض عبد الله نفسه للرجال، وجسده للرغبة حتى آخر مشهد حين يضعف أمام مشاركة لحظات رقيقة وصادقة للمرة الأولى مع رجل.
من خلال هذا الفيلم المستوحى من روايته «جيش الخلاص»، عبّر عبد الله الطايع عن ذاته، طارقاً واحدة من محرمات المجتمع المغربي الثلاث (المثلية الجنسية، وشخص الملك والصحراء الغربية). يندرج المغرب بلا حرج على لائحة الدول التي تعاني من رهاب المثلية كلبنان، أو إيران حيث يحكم بالإعدام على المثليين... واللائحة تطول.
يحرص الطايع التذكير خلال مقابلاته في الغرب على تأكيد أنّ رهاب المثلية «عار جماعي» أبعد من أن يُختصر بدين معين (وهذا ما نشهده من رهاب المثلية في المناطق اللبنانية المسيحية المحافظة مثلاً).
في النهاية، من المهم التذكير بأنّ تصوير المثلية الجنسية على أنّها «شر» يصّدره الغرب «الامبريالي» هي فكرة خاطئة كما يؤكد عدد من المؤرخين. رهاب المثلية هو ما يعد  «امبريالياً» واستعمارياً، فالقوانين التي تجرم المثلية في العالم العربي تم استيرادها فقط من خلال المستعمرات البريطانية ونحن ما زلنا بقايا هذا الإرث.