الرباط | أخيراً وبعد أشهر عصيبة من الانتظار، حسمت الحكومة المغربية مسألة تعيين مدير إحدى أكبر المؤسسات الفنية في البلاد أي «المركز السينمائي المغربي». أعلن وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي خلال ندوة صحافية مساء الخميس عن اختيار المنتج السينمائي صارم الفاسي الفهري مديراً للمركز خلفاً لنور الدين الصايل الذي شغل هذا المنصب لمدة طويلة.
وجاء الإعلان عن صارم الفاسي الفهري مديراً للمركز مخالفاً للتوقعات بسبب التعارض الذي يمكن أن يحصل بين مهمته الجديدة وعمله كمنتج سينمائي. إذ كانت التكهنات ترجح اختيار مصطفى ملوك الذي تقلد مهاماً إدارية في قناتي "دوزيم" و "ميدي 1 تي في "، فيما ذكرت مصادر لـ "الأخبار" إنّ الفاسي الفهري ربما يبيع شركة الإنتاج خاصته أو قد يشغلها باسم شخص آخر.
وكانت وزارة الاتصال قد أعلنت ـ في سابقة من نوعها ـ أن شغل منصب إدارة المركز السينمائي المغربي سيتم عبر نظام الترشيحات، واشترطت على الراغبين في الحصول على المنصب الهام شروطاً عديدة من بينها أن يكون المرشح حاصلاً على شهادة الماجستير أو ما يعادلها في المجال السينمائي وأن لا تقل تجربته في المجال عن 15 سنة، بالإضافة إلى ضرورة إجادته إحدى اللغتين الرسميتين للبلاد العربية والأمازيغية إضافة إلى اللغات الأجنبية.
بدأ المدير العام الجديد للمؤسسة الرسمية المسؤولة عن القطاع السينمائي في المغرب مساره المهني في سن الـ 15 كمصور وفق ما تفيده المعلومات المتوافرة عنه، قبل أن يعرج في دراسته على كلية الطب والصيدلة، ومارس صارم الفاسي الفهري الذي يبلغ 56 سنة مهنة السينما كمهنة موازية في إجازاته الصيفية بدءاً من سنوات الثمانينات قبل أن يؤسس أول شركة إنتاج سنة 1984 وينتج بعدها بسنة واحدة أول فيلم له أخرجه المخرج لطيف لحلو. وفي سنة 1987 سيقوم بتأسيس شركة إنتاج جديدة ستلاقي نجاحات كبيرة بعد إنتاجها لعدد من الأفلام المغربية المعروفة وتأمينها إنتاج عدد من الأفلام الأجنبية في المغرب.
كما ترأس الفهري في وقت سابق «الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام والجمعية المغربية لمهن السينما والسمعي البصري».
ويأتي اختيار مدير جديد للمركز السينمائي المغربي ليطوي مرحلة زعامة نور الدين الصايل وقيادته للمركز منذ قدومه إليه سنة 2003 آتياً من إدارة القناة الثانية. وراجت أخبار عن خلافات حادة بين «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي والصايل منذ وصول الإسلاميين إلى رئاسة الحكومة وتحديداً مع وزير الاتصال مصطفى الخلفي بسبب تباين في التصورات على المستوى الإيديولوجي بين الإسلاميين والشيوعي السابق. بينما يرفع الإسلاميون شعار "السينما النظيفة" المتوافقة مع الخصوصية المغربية، كان الصايل يرفض فرض أي وصاية أو حجر يكتم جرأة السينمائيين من منطلق أخلاقوي. ولطالما وصف هذا المفهوم في عدد من خرجاته الإعلامية بأنه "فارغ" .
ورغم الانتقادات الموجهة إلى فترة إدارة الصايل للمركز السينمائي المغربي التي يمكن تلخيصها في اتجاهه للكم عوض الجودة في الدعم المقدم للأفلام المحلية، إلا أنه لا يمكن إنكار القفزة التي حققتها السينما المغربية بالمقارنة مع العقود الماضية على الأقل من ناحية الحضور المستمر في عدد من المهرجانات العربية والعالمية وتحقيق تراكم كمي على مستوى الأعمال المنتجة والأنشطة السينمائية المنظمة.