بعد نقاش طويل حول الاسم الذي سيخلف نور الدين الصايل على رأس «المركز السينمائي المغربي»، حُسم الصراع أخيراً لصالح صارم الفاسي الفهري (1958). صادق مجلس الحكومة على تعيين المنتج المغربي الذي تناقلت الأوساط السينمائية اسمه منذ أشهر كواحد من أبرز المرشحين لشغل منصب يعتبر تركة ثقيلة.
وسيخلف الرجل الصايل الذي ترك بصمة في السينما المغربية، سواء من حيث الدفع القوي الذي أعطاه للإنتاجات الوطنية أو لسياسته الصدامية مع الوزير الوصي على القطاع مصطفى الخلفي منذ تعيينه بعد اختلاف الرؤى بين الطرفين. وإذا كان الفهري معروفاً داخل الدائرة السينمائية في المغرب، بحكم أنه من «أباطرة» الإنتاج، فهو مجهول لدى الجمهور العريض. رجل تقني أساساً وكتوم يفضل الاحتفاظ بآرائه كما يسر أكثر من سينمائي عرفه عن قرب. عمل الفهري إلى جانب الوزير مصطفى الخلفي في أكثر من محطة، ولعل قربه منه هو الدافع وراء تعيينه في المنصب وفق بعضهم، خصوصاً أنّ اسمه واسم مصطفى ملوك، المدير السابق لقناة «ميدي 1 تيفي» ظلا الأكثر ترشيحاً خلال الأسابيع الأخيرة. ويبدو أنّ الرجلين الذين نالا رضى الوزير الإسلامي، كانا مرشحين لمنصبين هما مدير «المركز السينمائي المغربي»، ومدير «الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة». مصادر مطلعة على الملف قالت إنّ ملوك مرشح الآن بقوة ليخلف فيصل العرايشي على رأس التلفزيون المغربي. اشتغل الفهري في الإنتاج السينمائي والدعايات منذ منتصف الثمانينيات. مدة طويلة طور فيها شبكة واسعة من المعارف خوّلته ليصير واحداً من أكبر المنتجين المغاربة ويترأس نقابتهم. هكذا، أنتج أفلاماً للطيف لحلو وحكيم ونوري ونبيل عيوش وأحمد بولان. أشرفت شركته كمنتج منفّذ على كثير من الإنتاجات الهوليوودية والأوروبية في المغرب. منذ بداية الألفية، توجه إلى بناء استوديو في الدار البيضاء، واقتناء المعدات، ما سمح لشركته بالتوسع. كان الفهري أيضاً ممن أسهموا في إعداد «الكتاب الأبيض» لتأهيل السينما في المغرب وإقامة مناظرات، واتفاقيات متعددة واكبت النقاش حول وضع الفن السابع في المملكة. لكن وضع الفهري على رأس شركة منتجة قد تستفيد من ميزانيات الدعم التي يقدمها «المركز السينمائي المغربي» مثار تساؤلات حول كيفية تعامله مع «تضارب المصالح» الذي يقع فيه بتعيينه رئيساً للمركز. من الأسئلة الأخرى الشائكة التي ستطبع مرحلته أيضاً هي تدبيره لتركة خلفه. نور الدين الصايل أسهم في إعطاء دفع قوي للسينما المغربية سواء عبر جلب الإنتاجات العالمية، أو عبر سياسة تطوير القاعات السينمائية ودعم المخرجين المغاربة. تركة السياسات السينمائية تواكبها تركة أعقد هي الصراع الصامت الذي دخل فيه نور الدين الصايل مع الوزارة الوصية. فهل يصير الفهري مجرد إداري يطبق أجندة الوزير الخلفي، بعدما كان للصايل تصوّر واضح عما يريده من السينما المغربية رغم كل المآخذ عليه؟ الصايل كشف في حوار نشر قبل يوم من رحيله بأنه غير متخوف من مهمة أخرى، وأصدر بلاغاً أخيراً عن تصوير 32 إنتاجاً أجنبياً في المغرب بقيمة تراوح بين 100 و160 مليون دولار، وارتفاع هذه الانتاجات بقيمة 420 في المئة مقارنة بالسنة الماضية كأنه يقول: «مهمتك صعبة يا صارم!».