القاهرة | في مشاهده في مسلسل «حلاوة الروح» لشوقي الماجري، بدا الوهن جلياً على ملامح خالد صالح (1964- 2014). غير أن جمهوره العريض في مصر والوطن العربي لم يتوقع أن النهاية قد اقتربت، فتمنى له الخروج بسلام من العملية الدقيقة التي خضع لها صباح السبت الماضي في «مستشفى مجدي يعقوب للقلب» في أسوان (جنوب مصر). خرج صالح من العمليات إلى غرفة العناية المركزة وسط حالة حرجة أقلقت أصدقاءه ومحبيه، إلى أن استسلم القلب فجر أمس الخميس.
بدأ صالح مشواره مع الفن متقدماً في السن وكبيراً في المقام وعريضاً في الموهبة. تخرج في كلية الحقوق عام 1987 وزامل خالد الصاوي طويلاً في مسرح الجامعة ثم مسرح الدولة، لكنه لم يجد طريقه للاحتراف بسهولة، فشُغل لأكثر من عشر سنوات في العمل في المحاماة وإدارة مصنع للحلويات كان ملكاً لأسرته في أبو النمرس (جنوب القاهرة). عاد للوقوف أمام الكاميرا كأنه يمثل للمرة الأولى. هكذا ظنه المتابعون الذين تعودوا اعتبار أي ممثل وجهاً جديداً، لكن صالح الذي بدأ بمشاهد معدودة في فيلم «جمال عبد الناصر» لأنور قوادري (1999) سرعان ما أثبت خطأ من لم يمنحه الفرصة في البداية.
في 2002، خرج مشاهدو فيلم «محامي خلع» لمحمد ياسين يسألون عن اسم الممثل الذي أدى شخصية القاضي عبر مشهد وحيد نجح صالح في إجبار الصحافيين والمشاهدين على معرفة اسمه. بعدها، انطلق ليقدم العديد من الأدوار القصيرة قبل أن يرتقي إلى مرتبة أعلى بفيلم «تيتو» (2004) الذي أطلق فيه عبارته الشهيرة «أنا بابا ياله» ليكوّن لاحقاً دويتو مع بطل الفيلم أحمد السقا، ويقدم معه أفلاماً عدة ناجحة أبرزها «ابن القنصل».
يشيَّع اليوم بعد صلاة الظهر من مسجد «عمرو بن العاص» في القاهرة

عبر مشاهد معدودة أخرى في فيلم «أحلى الأوقات»، دخل صالح بشخصية إبراهيم ذاكرة المرأة المصرية عبر جدال جمعه مع زوجته (هند صبري) في الفيلم هو: أيهما الأهم للعلاقة الزوجية، الورد أم الكباب؟ اتسمت خطوات صالح في هذه المرحلة بالثبات والانتشار الذي لا يعني تقديمه أدواراً دون المستوى، حتى جاءته البطولة المطلقة في آخر أفلام يوسف شاهين، حين قدم شخصية أمين الشرطة المتجبر «حاتم» في «هي فوضى» (2007). انتهى المشهد بهجوم أهل المنطقة على قسم الشرطة للقصاص من حاتم، قبل أن يتكرر على أرض الواقع في «ثورة يناير». في العام نفسه، بدأ صالح البطولات التلفزيونية بمسلسل «سلطان الغرام» لينجح سريعاً في دخول قائمة نجوم الدراما الرمضانية لسبع سنوات متتالية، قدم خلالها «بعد الفراق»، و»تاجر السعادة» و»موعد مع الوحوش»، و»الريان» و» 7 جامعة الدول العربية»، و»فرعون» إلى آخر مسلسلاته «حلاوة الروح». ورغم البطولة المطلقة، لم يعتذر صالح عن أي ظهور شرفي في أعمال أدى بطولتها نجوم آخرون. ترك وراءه العديد من العلامات في ذاكرة السينما المصرية بينها شخصية «الريس عمر حرب» في الفيلم الشهير، ودور الداعية في فيلم «المصلحة»، والعالم المتشائم من مستقبل أسرته في مصر في فيلم «فبراير الأسود» لمحمد أمين، وشخصية كمال الفولي في فيلم «عمارة يعقوبيان»، إضافة إلى شخصية «زكري» الأخ الأكبر في «كف القمر» آخر أفلام خالد يوسف. استعان الأخير بصالح لظهور خاص في فيلم «حين ميسرة» وظلت شخصية رضا التي جسدها مؤثرة طوال الأحداث رغم أنها كانت اسماً متداولاً فقط على لسان الأبطال، ولم يطلّ صالح إلا عبر حلم خاطف كالحلم... حلم كالذي ظن محبوه أنهم تحت سيطرته عندما ذاع خبر الوفاة، قبل أن يخفق الجميع في العثور على نفي للخبر، ليتحول الحلم إلى كابوس. يبقى أن ظهوره الأخير سيكون في فيلم «الجزيرة 2» الذي سيطرح في الصالات في عيد الأضحى.