ليست المرة الأولى التي يقترن فيها القصر الرئاسي الفرنسي بـ «فضائح» تقف خلفها امرأة. قبل شريكة الرئيس فرنسوا هولاند السابقة الصحافية فاليري تريرفلر وكتابها «شكراً على هذه اللحظة»، الذي صدر قبل أسبوع، كانت سيسيليا أتياس، طليقة نيكولا ساركوزي، قد نشرت كتاب «الرغبة في قول الحقيقة» عام 2013. في هذه السيرة، روت أتياس حياتها مع ساركوزي وسبب ترك حياتها الفارهة في قصر الـ «إليزيه» ولجوئها الى نيويورك للعيش هناك، كما كشفت أسرار حياة زوجها السياسية ووساطتها مع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في قضية الممرضات البلغاريات المختطفات.
وقبل أسبوع، صدر كتاب «شكراً على هذه اللحظة» (منشورات ليزارين) لفاليري تريرفلر (1965)، الشريكة السابقة لفرنسوا هولاند. كتاب وصف بـ «القنبلة»، وقسم الرأي العام الفرنسي، وما زالت ارتدادته مستمرة حتى اليوم. جرى الإعداد لهذا العمل على نحو سري، فيما سرّبت مقاطع منه حصريا لمجلة «باري ماتش» الفرنسية، حيث تعمل تريرفلر. بسرعة البرق، باع الكتاب أكثر من 170 ألف نسخة، وأثار ضجة كبيرة في فرنسا لما يحويه من أسرار ظلت داخل أسوار قصر الـ «إليزيه»، حتى انفصال الثنائي مطلع العام الماضي على خلفية نشر مجلة «كلوسر» صورة لهولاند على دراجته النارية ومعه الممثلة الفرنسية جولي غاييه. يبدأ الكتاب في السرد منذ بداية التعرف بين هولاند وتريرفلر، عندما كان في الحزب الاشتراكي، وصولاً الى اكتشافها الحقيقة المرة في خيانة شريكها.
في مقطع من الكتاب، تروي الصحافية الفرنسية لحظة اكتشافها خبر خيانة شريكها وكيفية انهيارها ومحاولتها تناول حبوب مهدئة بكميات كبيرة: «أردت الهروب والنوم وفقدت الوعي».
هذا البوح يؤكد على نحو حاسم محاولة تريرفلر الانتحار، بعدما نقلت وقتها الى المستشفى وروِّج بأنها متعبة وتحتاج إلى الراحة.
يذهب الكتاب في التحليل كما أوردته معظم الصحف الفرنسية، بأنه لم يكن مجرد سرد لقصة عاطفية بل تعداه الى فضح العديد من المواقف السياسية، ومنها إهمال هولاند مصير رفيقه في الحزب الاشتراكي دومينيك ستروس- كان الذي تعرض للتوقيف على خلفية اتهامه بالتحرّش بعاملة في أحد فنادق نيويورك عام 2011. هنا تكشف تريرفلر رد فعل هولاند البارد إزاء الحادث، وغبطته بإزاحة «خصم من الوزن الثقيل» نحو الرئاسة الفرنسية.
«شكراً لهذه اللحظة» يفتح الأبواب المغلقة لقصر الـ «إليزيه» ، ناقلاً العلاقة الخاصة بين الثنائي الى العلن: هكذا نتعرف الى هولاند «القاسي» و»الذكوري» الذي يعزل حبيبته كرمى لمستشاريه ووزرائه المقربين الذين وصلت بهم درجة تخريب هذه العلاقة الشخصية الى اللحاق بالرئيس الفرنسي الى غرفة نومه، كما فعل مستشاره الإعلامي كلود سيريّون، وطردته وقتها فاليري على الفور.
ولا يغفل محاولة هولاند التقرب مجدداً من شريكته عبر بعثه برسائل الكترونية عدة يطلب فيها عودتها لأنّه «بحاجة اليها ولا يستطيع العيش من دونها»، لكن الواقع يظهر أنّ الصحافية عزمت على الخروج نهائياً من القصر الرئاسي، فهو ـ كما تقول ـ «لا يشبه العالم الذي كبرت فيه»، والسياسة برأيها «عالم مليء بالكذب والنفاق».
بها الكتاب، شفت تريرفلر غليلها، بعدما انتقمت من حبيبها الخائن، وردت على تشفّي سيغولين رويال (الشريكة السابقة أيضاً لهولاند) ونصيراتها عندما فرحن بإذاقة الصحافية الشقراء الكأس المرّة نفسها التي تجرعته رويال قبلها. المعروف أنّ تريرفلر لا تطيق «غريمتها» رويال، وهذا ما أوردته في كتابها عندما قالت: «كنت لا أتحمل رؤيتها مع فرنسوا هولاند».
صدور الكتاب/ الفضيحة وإخراج كل هذه الأسرار، فتحا شهية الصحافة الفرنسية للحديث عما سمته صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية قبل أيام «الانتقام النسائي». عنونت الصحيفة الفرنسية «حالة تريرفلر: النساء أيضاً ينتقمن في السينما». انطلاقاً من تجربة الشريكة السابقة لهولاند، أوردت الصحيفة أن الانتقام النسوي يعدّ بمثابة سلالة متدرجة منذ زمن الأبيض والأسود الى أيامنا هذه. مقال أدرج أبرز خمسة أفلام عرضتها الشاشة الكبيرة عن انتقام النساء من شركائهن «الخونة».

أحدث هذه الأفلام «المرأة الأخرى» (2014) الذي شاهدناه في صالاتنا قبل أشهر، ويحكي عن تكاتف ثلاث نساء، الزوجة والعشيقة، والعشيقة الثانية للقضاء على «عدوهن المشترك»، أي الرجل الذي أحببنه فيما كان هو يلعب «على ثلاثة حبال». العمل الذي أدت بطولته كاميرون دياز، وليسلي مان، وكابت أبتون، كوميديا طريفة تظهر كم أنّ «كيدهن عظيم».

غلين كلوز
تتلاعب بعشيقها
انتقاماً لبنات جنسها!


تنخرط أوما ثورمان
في رحلة طويلة للنيل من حبيبها

من الكوميديا، إلى أجواء رواية بيار شودرلو دو لاكلو «العلاقات الخطرة». حوّل السينمائي ستيفن فريرز العمل إلى فيلم (1988) حيث نرى غلين كلوز في أحد أقوى أدوارها. إنّها بطلة الفيلم التي تتمتع بذكاء حاد يخوّلها التلاعب بعشيقها، فهي «خلقت لكي تنتقم لبنات جنسها». ومع إيزابيل هوبير وبياتريس دال وجان لوي مورا، سنشاهد في «انتقام امرأة» (1990) الذي أخرجه الفرنسي جاك دوايّون، قصة لقاء عشيقة بالزوجة (أوبير) بعد انتحار شريكها ونيتها الانتقام. قصة تحمل في محتواها ازدواجية اليأس والقوة معاً. عودة الى زمن الأبيض والأسود مع الفيلم الفرنسي «سيدات دو بوا دو بولوني» (1945) لروبير بروسون، في قصة مقتبسة عن رواية دوني ديدرو. عمل رومانسي تشارك فيه ماريا كاساريس التي ستنتقم من حبيبها الخائن. وإذا كان الانتقام «أنثوياً» وسلمياً في الأعمال المذكورة، فإنّه لن يكون كذلك مع «اقتل بيل» بجزءيه الاثنين (2003 و 2004). على طريقة السينمائي الأميركي «المجنون» كوينتن تارنتينو، سنشاهد أوما ثورمان تنخرط في رحلة طويلة للانتقام من حبيبها الخائن «الذي دمر حياتها»، ولن تشفي غليلها إلا... بالسيف!