«بالصورة/ بالفيديو داعش تذبح الجندي اللبناني عباس مدلج». هكذا تخط المواقع الإلكترونية ومعها مواقع التواصل الاجتماعي عناوينها. بات سهلاً ومستساغاً نقل خبر هواية التنظيم الإرهابي: الذبح بالصوت والصورة. هذه الحادثة التي تأتي عقب جريمة سابقة نفذها «داعش» بحق الرقيب علي السيد بالطريقة نفسها، لم تثن بعض الوسائل الإعلامية عن مراجعة كيفية تغطيتها للأحداث المماثلة، بل ابتكرت طرقاً أخرى تصدِّر فيها العنف، ويبدو أننا سنسمع عنها طويلاً.
أول من أمس، نزل خبر ذبح الجندي عباس مدلج المحتجز لدى «داعش» كصاعقة على رؤوس اللبنانيين. وعن قصد أو غير قصد، حوّلت بعض الشاشات والمواقع الإلكترونية نفسها الى أبواق تروّج للجريمة كأن ما حصل، إنما يجري في بلد آخر ولا يمت بصلة للبنان ولذوي الشهيد. وبينما كان واضحاً أنّ هدف الجاني خلق فتنة في لبنان، كرّرت وسائل الإعلام عباراته الطائفية المحرضة لا سيما في ما يتعلق بطائفة ومذهب الجنود اللبنانيين المحتجزين لدى «داعش». كانت حادثة استشهاد مدلج فرصة أخرى أيضاً لبث الشائعات مثل ذبح جندي لبناني ثالث، وكان يمكننا تصوّر ما قد يحصل لو وجدت الشائعة من يصدّقها!

عنونت «العربية»:
«رأس الجندي المذبوح يقطع الطرقات
اللبنانية»

إعلامياً، تكررت العبارات نفسها مع نشر بيان ما يسمى «الدولة الإسلامية - قاطع القلمون» الذي برّر سبب إقدام التنظيم على تصفية مدلج عبر القول بأنّه «حاول الهرب من سجنه» وأطلق النار على عناصر التنظيم، فكان «مصيره الذبح». اللافت أنّ بعض الإعلام اللبناني تبنى التبرير من دون أي مسافة، فعنونت lbci على موقعها: «داعش تعلن ذبح جندي ثان لمحاولته الهرب والجيش يحقق». وتماثلت معها mtv عبر عنوان «الدولة الإسلامية: ذبحنا الجندي عباس مدلج لمحاولته الهروب». بعد ذلك، نشر الإعلام البيان الكامل للتنظيم كأي مكتب إعلامي ترويجي من دون أي مسافة نقدية مهنية.
اللافت في الحادثة هو مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت قد تعاملت بخفة مع استشهاد علي السيد، فروّجت لشريط الجريمة. هذه المرة، «نضج» الناشطون وامتنعوا عن تداول شريط مدلج. لكن دعونا لا نطمئن كثيراً، فقد ابتكرت المواقع الإخبارية طريقة لإرغام القارئ والمتصفح على مشاهدة الشريط الدموي عبر تقنية تقطيع الصور. لو جمعت هذه الصور معاً، لشكلت الشريط كاملاً، في إصرار واضح على تجريع المتصفح العنف بالقوة. تجلى ذلك بشكل واضح أيضاً على موقع «العربية» التي يبدو أنها خالت أن حادثة الذبح بمثابة مشهد مقتطع من فيلم أو من قصيدة ملحمية. «رأس الجندي المذبوح يقطع الطرقات اللبنانية» هكذا كان العنوان بهذه الخفة والتسطيح من دون أدنى شعور بالمسؤولية أو حتى الإنسانية.

http://www.lbcgroup.tv/news/176436/%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%B0%D8%A8%D8%AD-%D8%AC%D9%86%D8%AF%D9%8A-%D8%AB%D8%A7%D9%86-%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B1%D8%A8%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D9%8A%D8%AD%D9%82%D9%82


http://mtv.com.lb/News/384076

http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/2014/09/07/-%D8%B1%D8%A3%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B0%D8%A8%D9%88%D8%AD-%D9%8A%D9%82%D8%B7%D8%B9-%D8%B7%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86.html