هو قرار من بضعة أسطر صدر عن «وزارة الاتصالات» وموقّع من المدير العام للاستثمار وصيانة المواصلات السلكية واللاسلكية عبد المنعم يوسف، يضع في الواجهة «النيابة العامة التمييزية» التي طلبت وفق نصّ القرار حجب ستة مواقع «بورنو». الضجة على القرار بدأت أمس، رغم أنّه صدر عن النيابة العامة منذ 9 تموز (يوليو) الماضي ووقِّع في 25 آب (أغسطس) من قبل يوسف. قرار كان كفيلاً بغموضه وغياب مسوّغات اتخاذه بإثارة بلبلة على مواقع التواصل الاجتماعي، مع طرح علامات استفهام كثيرة أبرزها: لماذا هذه المواقع بالتحديد، فإن أحصينا عدد مثيلاتها، قد لا ننتهي؟ وعلى أي أساس صدر القرار؟
ومن يضمن أنّه لن يتكرر إزاء مواقع سياسية أو ثقافية أو غيرها بالاعتباطية نفسها؟ وهل الخطوة قانونية؟ وماذا عن توقيت هذه السابقة التي تأتي في مناخ متزايد من التطرف والانغلاق تشهده المنطقة والعالم العربي؟
الأجوبة على هذه التساؤلات لن تجدها عند المسؤولين المعنيين بالقرار. «الأخبار» توجّهت الى المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود بما أنّ قرار الحجب صدر عن الجهة القضائية التي يرأسها. إلا أنّ الذاكرة لم تسعفه في تحديد حيثياته بما أنّه متخذ منذ تموز الماضي، فأحالنا الى «مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية»، مضيفاً إن الأخير أوعز للنيابة العامة التمييزية بالتحرك وإصدار القرار الى وزارة الاتصالات.

حجب ستّة
مواقع إلكترونية بدعوى «مضمونها الإباحي»

إذاً، المكتب الذي تحرك مراراً العام الماضي لملاحقة صحافيين ومدوّنين بسبب تعليقات كتبوها على صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل (الأخبار 12/9/2013)، يقف وراء ذلك. رئيسة «مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية» الرائد سوزان الحاج، نفت بداية أن يكون الحجب صحيحاً، لترجّح لاحقاً من دون أن تستند الى نص القرار المذكور (يبدو البحث عنه بالأمر العسير) أنّه جاء بناءً على ما سمته «المحضر المفتوح» أو على اعترافات بأنّ هذه المواقع «تروّج للدعارة عبر الإنترنت»، ما يسوّغ حجبها وفق القانون. ووصفت الخطوة بـ«الأمر الروتيني» في النشاط الدائم للمكتب كما باقي دول العالم. لكن لماذا حُجبت هذه المواقع الستة تحديداً وسط آلاف المواقع، علماً بأن بعضها يتصدر قائمة موقع «أليكسا» من حيث أعلى نسب المشاهدة؟ ترجّح الحاج أن «تكون شبكة دعارة ذات صلة مباشرة بهذه المواقع بالتحديد من خلال الترويج والاستدراج»، ولم تنف إمكانية التحايل للدخول مجدداً إليها، متوجهة إلينا بالقول: «إن كان لديكم عناوين مواقع مثيلة، فلتزودونا بها لإقفالها».
من المعلوم أن هذه المواقع الإباحية مجانية ومتاحة لأي مستخدم في المشاهدة وتحميل الفيديوات التي يريد، وهي تعتمد بشكل أساسي على الإعلانات التي تبثها على صفحاتها. هي جنسية بحت، وإن وضعنا فرضية الترويج للدعارة من خلالها، فإن هذا الاحتمال يعتبر ضئيلاً جداً وفق أحد خبراء الشبكة العنكبوتية.
بطبيعة الحال، أثار هذا النوع من القرارات سؤالاً آخر حول ما إذا كانت هذه المواقع تحجب اليوم لأنها تروّج للبيدوفيليا، خصوصاً أنّ اثنين منها يحملان كلمة «teen» (أي مراهق)، فيندرج القرار ضمن الأعمال الحمائية التي تتعلق بالأمان السيبري، وخصوصاً للأطفال والمراهقين والمراهقات. لكن المعلوم أنّ «الهيئة الناظمة للاتصالات» خصصت حيزاً هاماً ترشيدياً للأهل لحماية أطفالهم من الاستدارج والاستغلال الجنسي عبر الإنترنت ضمن «الحملة الوطنية لأمن الإنترنت»، كما تمنح «أوجيرو» نظاماً خاصاً للأهل يتيح لهم ضبط ومراقبة المواقع التي يدخل إليها أبناؤهم. الضبابية هي عنوان تعاطي المسؤولين مع الاستفسارات إزاء هذا القرار الذي جاء بعد آخر مماثل قضى بحجب العديد من المواقع الخاصة بلعب الميسر والقمار عبر الإنترنت، وحصر هذا الأمر بـ«كازينو لبنان». ومع ذلك، تم التحايل على هذه الخطوة، واستمر المستخدمون في ارتياد هذه المواقع.