وفعلاً، نجحت الحملة وافتتح المسرح أخيراً بعرض استعادي أسهمت فيه مجموعة من الفنّانين العراقيّين، إذ قدّم كلّ منهم مشهداً أدّاه في عروض شتّى خلال العقود الثلاثة الماضية، وهم سامي عبد الحميد، وشذى سالم، وسهى سالم، ورائد محسن، وحكيم جاسم، وآلاء حسين، ومناضل داود، ويحيى إبراهيم.
فنانون عراقيون تولوا ترميمه وإعادة افتتاحه
ويقول الفنّان علاوي حسين لـ «الأخبار» عن طبيعة المبادرة: «كان تحدّياً صعباً أن نصل إلى إنجاح المبادرة بافتتاح المسرح مجدّداً أمام الجمهور، بعد ترميم ما أمكن ترميمه، والأهم هو بثّ الحياة في خشبة المسرح المدمّرة التي كان لفنّاني دائرة السينما والمسرح دور في إحيائها وفي مقدّمتهم الممثّل ماجد درندش. كما انضمّ إلينا متطوّعون من منظّمات مدنيّة هم «فريق محبّي بغداد» و«القادة الشباب»، فضلاً عن جهود كبيرة بذلها «المركز الوطنيّ للعمل التطوّعي» التابع لوزارة الشباب والرياضة، وفعلاً نجحنا بأن خشبة المسرح صارت صالحة للعروض مستقبلاً».
وأضاف علاوي: «هذا الحدث يلخّص معنى واحداً: إنّنا لن نظلّ ننتظر الدولة إلى ما لا نهاية، ولن نكترث بالتقشّف ونستسلم له، بل نعمل على أساس جهود ومبادرات تحرّك هذا الركود الذي من أولى ضحاياه الثقافة والفنّ في العراق».
سيبقى افتتاح «مسرح الرشيد» واحداً من العلامات المضيئة في عام 2016، بما فيه من جدب وغياب للاستقرار، إذ يحمل الحدث في طيّاته قدرة الذات العراقيّة على مواجهة الانكسار الذي يراد له أن يكون سمة عامّة في البلاد، وإلا ما دورة الحياة هذه التي نتتبع خطّ سيرها الآتي: مسرح حيّ يخرّبه الأميركيّ الذي جاء لتحقيق «الديمقراطية»، فتتجاهله دولة الطوائف والتعدّدية الحزبيّة، ويعيده إلى الحياة فنّانون عراقيون مستقلّون.
برغم الكلام المتداول في مواقع التواصل بأنّ ثمّة استعجالاً قد حصل في افتتاح «الرشيد»، بفعل سقوط قطرات من المطر عبر سقوفه لحظة العرض المسرحي، لكن ذلك لا يؤخذ من قيمة الحدث الكبير ورفعة القائمين عليه، فتحيّة لنبلهم في الانتماء إلى اسم الثقافة العراقيّة الحرّة في هذا الفعل الأخير.
ولننتظر المزيد على خشبة «الرشيد». بعد تحقّق الهدف، ستتوالى الخطوات ونعيد الصلة بتلك المحاولات المسرحيّة التسعينيّة التي كانت تتحدّى البؤس بشفرات ورموز صارت عنواناً للذة استرجاع ذكريات لن يطالها المحو.