ما دخلت السياسة في شيء إلا أفسدته. مقولة يمكن تعميمها بسهولة، خصوصاً في ما يتعلّق بنشرة الأخبار الموحّدة التي كان يُفترض أن تجمع الليلة الأقطاب اللبنانيين على دعم الجيش في وجه الإرهاب (الأخبار 8/8/2014). كواليس النشرة تشير إلى بلبلة حدثت أخيراً بعد الإعلان عن أسماء الزعماء السياسيين الذين سيوجهون رسالة مساندة للمؤسسة العسكرية عبر الشاشات المحلية.
البلبة أعقبت إتصال بعض السياسيين بينهم رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي بالمعنيين، طالبين المشاركة في هذه المبادرة، قبل أن تتعقّد الأمور مع تقدم رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» طلال إرسلان بالطلب نفسه. طلب لم يتوان الأخير عن ترداده على مختلف المسؤولين أصحاب «المَوْنة» على سياسة المحطات. سريعاً، ضاعت الطاسة وراح الجدل يتسّع بين المنظمين حول الأسماء التي يمكن إضافتها في حال التوافق على الأمر، بعدما كانت الفكرة الأساسية تتمحور حول إفراد المساحة أمام ثمانية أقطاب للظهور عبر ثماني شاشات وفق ما أكد مصدر مطلع لـ«الأخبار». وأشار المصدر إلى أنّ اجتماعاً عقد ليل أمس بهدف بتّ الأمر والاتفاق على صيغة نهائية. إلا أنّ «الأخبار» علمت أنّه لم يتم التوصّل إلى حلّ في هذا اللقاء، فنُسفت فكرة النشرة من الأساس!

إتصال بعض
السياسيين بالمعنيين، طالبين المشاركة
في المبادرة

وأبدى المصدر المذكور امتعاضه من الموقف برمته «لأنّنا لسنا في صدد إعداد طاولة حوار على الهواء»، معتبراً أنّ ما حدث لا يعدو كونه «مسخرة»! ولفت إلى أنّ الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله هو الزعيم الوحيد الذي سجّل مداخلته. في هذا السياق، أثنى المصدر على تعاون نصر الله رغم كل الظروف السياسة والأمنية، مشيراً إلى أنّه عكس التوقعات «أبدى تعاوناً ومرونة لافتين، مشدداً على أنّه جزء من المجموعة ويريد إنجاح المبادرة».
يذكر أنّ الخطة كانت تقضي بقراءة مذيع كل قناة مقدّمة موحدة، قبل أن يتوالى الزعماء على الظهور في الوقت نفسه. البداية المفترضة كانت مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، يليه رئيس الحكومة تمام سلام، ورئيس حزب الكتائب أمين الجمّيل، ثم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» ميشال عون، قبل أن يحين دور رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط. بعدها، يطل رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية، ثم السيّد حسن نصر الله، على أن يكون الختام مع رئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع.
هكذا، يمكن القول إنّ النشرة المسائية التي كان يفترض بثها اليوم واجهت المصير الاعتيادي والسيناريو "التقليدي" في لبنان، خصوصاً بعدما انقسم المنظمون لهذه المبادرة بين مؤيد لتوسيعها كي تشمل مختلف الشخصيات السياسية على الساحة، وبين معارِض يتمسّك باقتصار المشاركة على الأقطاب الثمانية المذكورين. الأكيد أنّ خطوة دعم الجيش تحوّلت كالعادة فرصة للاستثمار والتسويق الإعلاميين على أيدي سياسيين يرفضون التنازل عن مصالحهم الضيّقة.