أغلب عشّاق المسرح في العالم يتمنون مشاهدة العروض العالمية المهمّة (كالتي تقدّم في برودواي مثلاً)، لكنهم في الوقت نفسه ولأسبابٍ كثيرة لا يمتلكون الوقت ولا المقدرة على السفر إلى أماكن تلك العروض في أوقاتها المناسبة. لكن ماذا لو أتت تلك العروض ومسارحها إليهم؟ ما نتحدث عنه هو انتقالٌ جديدٌ في عالم التكنولوجيا: النقل عبر طريقة الديجيتال، الشاشات التي تنقل المسرحية كما هي إبان عرضها، وهذا ما نشاهده مثلاً منذ حوالى عام في «أمبير بروميير» (السوديكو) التي تنقل عروض «أوبرا ميتروبوليتان» في نيويورك و«البولشوي» في موسكو.
تبدو الفكرة جميلةً. فكرة العرض المباشر الذي يمكن نقله إلى جمهورٍ ليست بجديدة. في 2006، بدأت «أوبرا متروبوليتان» في نيويورك بنقل عروضها إلى جمهور صالات السينما بتقنية النقاء العالية HD، لتتبعها الأوبرا الفيلهارمونية الألمانية بخطوةٍ أكثر جرأة من خلال نقل أنشطتها بشكلٍ مباشرٍ لمتابعيها عبر موقعها على الانترنت، ولم ينتظر الأمر كثيراً حتى يصبح «عالمياً». في عام 2009 بدأ المسرح الوطني الإنكليزي بنقل أنشطته هو الآخر إلى صالات سينما عبر «الجزيرة الإنكليزية».
ورغم أن هذا النوع من النقل الإلكتروني (الأثيري) يعتبر نقلةً نوعيةً في عالم المسرح، ويجعله قريباً ومتوافراً للمشاهدين من جميع أنحاء العالم، إلا أن المعترضين عليه كثر.

في 2006، بدأت «أوبرا متروبوليتان» بنقل عروضها إلى جمهور صالات السينما

هم يعتبرون أنَّ ميزة العمل المسرحي تختلف بشكلٍ كلي عن غيرها من الأعمال لأسباب عدّة. المسرح أساساً قائمٌ على تجربة التفاعل بين الممثل على الخشبة والجمهور، وهي تجربةٌ مهما نجح النقل الأثيري في أدائها، إلا أنّه لن يكون هناك أي نوعٍ من تفاعل مباشر، فضلاً عن الطقس الذي يرافق هذه العملية. حين يأتي المشاهد لحضور عملٍ مسرحي، فهو لا يقوم بذلك منفرداً: أي أنه يحضّر له، ثم يخرج من منزله، وبعد ذلك يلتقي بأصدقائه ويتحدث معهم، يستمع إليهم أحياناً، فتكون تلك الرحلة مختلفةً عن فكرة مشاهدة العرض نفسه في المنزل. التجربة ككل هي التي تجعل «مشاهدة المسرح» فريدة وحية حتى هذه اللحظة، وتختلف بشكلٍ تام عن فكرة مشاهدة السينما ومتابعتها. باختصار، قد تكون تجربة نقل العروض المسرحية والموسيقية أثيرياً رائعةً ومهمةً، فهي تنقل لهواة النوع ما لا يستطيعون مشاهدته مباشرةً، لكنها في الوقت نفسه تقتل شيئاً من التجربة الأصلية المعاشة المرتبطة تلقائياً بفكرة أساسية: البشرية.