خلافاً لموقف كبار المثقفين الذين اتخذ معظمهم موقفاً ضد المقاومة في غزة بحجة «عبثية صواريخها»، فإنّ المبدعين الشباب يتفقون على اعتبار المقاومة خيارهم الاستراتيجي الأول، مُنحِّين أي خلافات وقت مواجهة العدو، ما يدعو إلى رفع شعار «ولسه جوا القلب أمل».
بداية، كشف الشاعر وائل فتحي عن فجوة زمنية وفكرية بين جيلين، فالكبار الذين بحت حناجرهم أمس بفلسطين في قصائدهم وكتاباتهم، منددين بالصمت والتخاذل العربيين، أصبحوا يتكلمون بأريحية عن إسرائيل الدولة التي كانت بالأمس «كياناً»! صاحب ديوان «العادي ثائراً وشهيداً» يعتبر أنّ «نيران غزة كشفت أنّ ما سبق من شعارات، كان من الضروري أن يظل مجرد شعارات تردد بطريقة واحدة وبنغمة على السلم ذاته من دون أن تتغير الحناجر ولا الشعارات؛ لتصير مع الوقت وبشكل طبيعي مبتذلة، وتتحول معها القضية في الوعي الجمعي إلى كليشيه. وكانت «فلسطين» تخرج من أدراج النظام لتنطلق من خلال الأبواق الصدئة، قبل أن يفشل النظام في احتواء الغضب الشعبي من فساده وخيباته الكبيرة، وانكشفت اللعبة، في تواز مع اليأس من إمكان التغيير وانتكاسة الحراك الشعبي وردته إلى الخلف، بالتالي من الطبيعي أن ينسحب هذا كله على كل القضايا الكبيرة ومنها قضيتنا مع الكيان الصهيوني».
يوسف نبيل يصف الموقف الحالي باستمرار للخيانة العربية منذ كامب ديفيد

الروائية والقاصة سامية بكري عبرت عن إحساسها بالخجل من أداء الإعلام المصري رغم عملها في المجال، فـ «المطبوعة التي أعمل فيها لم تنشر عن غزة سوى مقال ينفي شماتتنا بأهل القطاع كأنّ الشماتة موقف مطروح أو متوقع، والبرنامج التلفزيوني الذي أشارك في إعداده لم يبرز العدوان على الأطفال والنساء حتى جاءت مداخلات المشاهدين على الهواء تفضح ما يحدث وتدينه». واستنكرت مؤلفة رواية «ونسة» لغة المعايرة التي تبنتها السلطة المصرية والنخبة الثقافية، فمقولة «مصر خاضت أربع حروب من أجل فلسطين وفقدت مئة ألف شهيد، مرفوضة ناهية بالمبالغة في عدد الضحايا، ولو صح فقد كنا ندافع عن أمننا القومي أولاً».
الشاعر محمد عز الدين شدد على أنّ القضية لا تحتاج إلى التفكير أو التغيير لاختلاف المرحلة أو الأنظمة الحاكمة؛ فـ«إسرائيل هي العدو والمقاومة الفلسطينية بكل أشكالها وفصائلها حق مكتسب». ويضيف: «من يقف في وجه المقاومة لمصلحة العدو أو لمصلحة ما، فهو خائن لقضية نشأنا عليها». يذهب الشاعر عبد الرحمن مقلّد أبعد منذ لك، حين يقول: «أثبتت السنوات الأخيرة بكل ما حملته من مؤتمرات ومبادرات للسلام مع الكيان الغاصب فشلها، وأثبتت أنّ الوطن المغتصب لن يعود إلا بالسلاح والمقاومة والمواجهة». وتمنّى أن تكون هناك انتفاضة عامة يشارك فيها كل أطياف الشعب الفلسطين مدعومة من الشعوب العربية، فـ «لا سبيل أمامنا الآن سوى دعم الحركة التي تناضل. وحين يتحرر الوطن، فليكن ما يكون بعد ذلك». الروائي يوسف نبيل يرى أنّ «موقف مصر استمرار للخيانة العربية منذ كامب ديفيد، فيما تتولى أجهزة الإعلام والنخبة التي أُفسدت عملية غسل الأدمغة». واعتبر مؤلف رواية «كسر الإيقاع» عدم تحرك الجماهير نتيجة طبيعية للخداع والانهاك الذي مارسته السلطة، مشيراً إلى أنّ التحرير يبدأ من الداخل، من إعادة ترتيب قاموسنا اللغوي من «عدو» و«صديق»، و«ربما علينا العمل على انشاء إعلام الكتروني بديل يحارب الغزو التلفزيوني المسموم». تتطرّق الشاعرة سماح ناجح إلى النقطة الحساسة اليوم في مصر، فتقول: «أختلف مع «حماس»، لكنّني أضع جانباً الخلاف وقت العدوان. وهم الآن يؤدون واجبهم الوطني. ورغم ضعف الإمكانات أمام جيش الاحتلال، فإنهم صامدون». وسخرت مؤلفة ديوان «لن أعير البنفسج لوني» ممن يلقي اللوم على المقاومة تحت زعم «خلوهم يشوفوا حماس الإرهابية ودتهم فين»، قائلة: «هل أصبحت إسرائيل الشقيقة الكبرى يا سادة؟».