المسلسل يطرح حكايةً مباشرةً، حيث الآلهة الوضعية القديمة من إغريقية ويونانية وهندوسية وسواها تقرّر أنّ البشر لا يستحقون الحياة. من هنا، تقرّر إنزال أشد العقوبة بهم: إبادتهم. من هنا تبدأ حكاية المسلسل. ولأن هذه الآلهة «تحب التسلية»، تقرّر أن يحتكم الأمر إلى «صراع» بين ممثلي البشر والآلهة أنفسهم. يختار البشر مجموعةً من الأبطال والشخصيات (وحتى الأشرار) لتمثيلهم، من بينهم: لو بو (أمير حرب صيني من مرحلة الهان الشرقية)، كوجيرو ساساكي (أحد أشهر المحاربين اليابانيين)، جاك السفّاح (ربما أوّل قاتل متسلسل معروف)، رايدن تاميمون (أحد أشهر مصارعي السومو من القرن التاسع عشر)، بوذا كوين شي هوانغ (مؤسس سلالة كوين الصينية الحاكمة)، نيكولا تيسلا (مكتشف الكهرباء الصربي الجنسية)، ميشال دو نوستراداموس (المستبصر الفرنسي)، غريغوري راسبيوتين (عرّاف وكاهن روسيا القيصرية) ليونيداس (ملك وقائد المقاتلين الثلاثمئة الأسبارطيين المعروفين) وغيرهم. يختار الآلهة ممثليهم المكوّنين من: ثور (إله الرعد والبرق عند النورسيين)، بوسايدون (إله البحر عند الإغريق)، هرقل (نصف إله إغريقي)، شيفا (إله الدمار الهندوسي)، زيرفوكو (واحد من آلهة الحظ اليابانية السبعة)، هايدس (إله العالم السفلي الإغريقي)، سوسانو ميكاتو (إله البحر والعواصف عند الشنتو)، أنوبيس (إله الموت عند الفراعنة).
بذل صنّاعه الكثير من الجهد لإضفاء أبعادٍ كثيرة على شخصياتهم
تساعد البشر في حربهم ضد كائنات أقوى منهم بكثير، الفالكيري برونهيلدا التي تعطي كل شخصية بشرية سلاحاً مدعوماً منها ومن شقيقاتها الثلاث عشرة. ولولا مساعدتها ووقوفها بجانب البشر، بحسب القصّة، لما تمكن أي منهم في الوقوف بوجه تلك القوى.
ما يجعل «راجناروك» مختلفاً أنّه دراما «نفسية» قبل أن يكون رسوماً محرّكة. بذل صنّاعه الكثير من الجهد لإضفاء أبعادٍ كثيرة على شخصياتهم، فيشرحون بداياتهم على غرار الأبطال/الأشرار التقليديين من قصص الكوميكس، ويعدّلونها بحسب الحاجة الدرامية لا البعد التاريخي: هكذا، فهرقل (هيركليس) بطل اليونان الأشهر، تتغيّر حكايته، فيغدو «ألسيدس» الفتى الشجاع الذي شرب دماء الإله اليوناني زوس فأصبح «نفس إله» (نفيليم)، وكمنت قوته في شجاعته وإرادته لا في كونه نصف إله. أما جاك السفاح، فيمنحه المسلسل أبعاداً كثيرة، فنفهم كمشاهدين ونتعاطف معه: طفلٌ صغير لم يحبّه أحد، لا يرغب به أحد. إنه يرى بعينه الخاصة مشاعر الناس، حتى مشاعر والدته التي اعتقد أنها تحبه لكنّها كانت تعتبره جسراً للوصول إلى والده/حبيبها. ويوم فقدت والده، قررت أن تفقده هو كذلك.
هذه التفاصيل الدقيقة والعميقة في آن تجعل النص المكتوب قوياً. نقطة ثانية تُحسب للعمل، هي تقنية الصراعات والبحث الكبير حول الشخصيات التي تخوض تلك المعارك: إذ يتم الحديث بتفاصيل خاصة عن حياة المقاتلين المتعاركين. مثلاً نعرف بأنَّ كوجيروا ساساكي يعاني من ثنائية القطب التي تجعله يستعمل سلاحه بطريقة مختلفة. ومن قرأ سيرة حياة السياف الياباني الشهير، قد لا ينتبه إلى هذا التفصيل.
يبدو أنَّ للكاتبين أوميمورا وفوكوي طريقتهما الخاصة في تقديم شخصياتهما ولو كانت مأخوذة عن كائنات/ شخصيات معروفة، فتبدو الشخصيات تتشابه مع نسخها المعروفة تبعاً للأساطير، أو حتى مختلفة كما قدّمت شخصية زوس بطريقةٍ غير معتادة، إذ صوّرته على شكل رجلٍ مسنّ ضئيل الحجم، مخالفاً بذلك معتاده، هو الذي يُرسم بشعرٍ طويل منساب، وجسدٍ متناسق، كما لو أنه رجلٌ رياضيٌّ في الأربعين من عمره. الأمر نفسه ينسحب على شخصية أودين، أبي الآلهة النورسية، الذي صُوّر بشعرٍ أسود طويل وعلى كتفيه غرابان، مخالفاً معتاده بصفته ضخماً بشعرٍ أبيض أو أشقر أو معتمراً قبعة الفايكنغ المعدنية الكبيرة. في الوقت نفسه، لا يخرج المسلسل من عباءة الأنيمي، فهناك الكثير من iconography أو chibi، وكلتاهما تقاربان شكل أبطال العمل وهم يظهرون حالتهم النفسية. كأن نرى شكل البطل يتغيّر فيصبح أصغر حينما يغضب، أو يهطل من عينيه نهرٌ من الدموع كدليل على حزنه وهكذا، فضلاً عن طبيعة القصّة التي لا تشابه أي نوع من الفنون سوى الإنمي لناحية الجو العام، الشخصيات، الحبكة، وبالتأكيد الموسيقى القائمة على جي بوب أو جي روك (الروك أو البوب
الياباني).
Record of Ragnarok
على نتفليكس