من لم تتسنَ له فرصة مشاهدة «الفرقة الصوفية التركية» في إسطنبول، فيمكن اغتنامها في لبنان. بعد سلسلة مشاريع فنية ناجحة كان آخرها «بانتظار القطار» للرسم والغرافيتي، تأتينا شركة «آكيليا» اليوم بدراويش الرقص المولوي في حفلة تحت عنوان «سيما»، سبق أن استقطبت جمهوراً كبيراً من مختلف أنحاء العالم.المديرة العامة لـ«آكيليا»، شيما أوبري عبّرت لـ«الأخبار» عن انبهارها بالعرض عند مشاهدته في إسطنبول قبل عامين: «كان عرضاً حالماً. بذلت كل ما في وسعي للمجيء به إلى لبنان». الفرقة مؤلفة من منشدَيْن اثنين و5 دراويش، سيقدمون عرضين متتالين أوّلهما اليوم. نشأة الرقص الصوفي تعود إلى أتباع «مولانا» جلال الدين الرومي الذي آمن بالموسيقى والشعر والرقص والفنون بمختلف أشكالها. بينما يدور الدراويش (سمع المولوية) حول أنفسهم، يذهبون في رحلة روحية تصاعدية تنطلق من المحبة وصولاً إلى الكمال. يدورون كدوران الكواكب حول الشمس، وكتعاقب الفصول، وبعكس عقارب الساعة، تماماً كما الطوفان حول الكعبة. فقد رقص جلال الدين الرومي للمرّة الأولى في سوق الصاغة في قونية، إذ بدأ يدور لساعات فيما كانت الموسيقى والرقص يعبران عن حالتي الحزن والفرح في آونة واحدة. علماً بأنّه حتى بعد دفنه حافظت جماعته على هذا النهج.
إذاً، العرض المرتقب سيلغي كل الحدود، وستتخطى الفرقة الجسد الذي يمثل عبئاً على الروح ويشدّها إلى الأسفل لتلبية حاجاته وإشباعها. وفيه، سيتقدّس الإنسان ويكتشف جميع حقائق الوجود، كما سيتخلّى عن العالم الأكبر الذي يحوي كثيراً من الهموم واجتمعت فيه الكماليات العقلانية والمادية، لتستريح تساؤلاته وترقى نفسه وتستكين عندما يخلع بدنه عنها. في البدن شرّ مادي لا يسعى إلّا لنفسه. الروح ضاقت بهذا الجسد الذي سيتواضع أمام الرقي والطمأنينة. لن يسكر أعضاء الفرقة من الخمر، بل من هذا العقل المجهد المتمرّد. المولويون يؤمنون بالتسامح غير المحدود. هم لا يكفّون عن الذكر خلال رقصهم الدائري بمصاحبة الموسيقى الصوفية. رحلة روحية تسمو فيها النفس. ففي السمع المولوي تسامح لا حدود له. يطمح فيها المولوي إلى الوصول إلى الكمال، فيتخلى عن الشهوات الشخصية ليتوحد مع الكون والخالق.
الليلة، ستبدأ رحلة بيروتية صوفية بامتياز. بلباسهم وتنانيرهم الفضفاضة وطرابيشهم الطويلة، سيقدّم أعضاء «الفرقة الصوفية التركية» صورة جمالية تتسم بالروحانية، وبأجواء من الخشوع والسكينة، لتندمج أرواحنا بدوران الدراويش ولو أنّ مكان الأمسية لا يوحي كثيراً بالزهد!



«سيما»: 21:00 مساء اليوم وغداً ــ فندق «موفنبيك» (بيروت). للاستعلام: 01/999666