ضمن الأفلام الغنائية التي تعرض في تظاهرة «سمفونيات مضطربة» التي تنظمها «متروبوليس» في «ذا غارتن» (بيال)، سنشاهد الليلة العلاقة التي جمعت مغني فرقة Sex Pistols سيد فيشس مع نانسي سبنجن. إنّه فيلم «سيد ونانسي» (1986 - الصورة) لأليكس كوكس (1954)، الذي يروي سيرة عازف الباص غيتار في فرقة البانك الشهيرة. وبرغم أن الفرقة البريطانية التي اشتهرت في نهاية السبعينيات لم تستمر لأكثر من ثلاث سنوات (1975 ــ 1978)، إلا أن أهميتها تعود إلى أنّها مهدت لثقافة البانك التي انتشرت لاحقاً في بريطانيا. في فيلم «سيد ونانسي»، سنشاهد العلاقة التي جمعت سيد فيشس (غاري أولدمان) ونانسي سبنجن (كلوي ويب). تمثل هذه العلاقة محور الحبكة الروائية، ويتناول المخرج من خلالها بقية الأحداث المتعلقة بعمل الفرقة بشكل عابر أو مسطّح أحياناً. تبدو ثقافة البانك مقتصرة على الأزياء والإدمان على المخدرات، ليصبح دور الموسيقى ثانوياً وخلفية باهتة وفق ما يصوّر الفيلم. وبخلاف بعض المقاطع المقتضبة من حفلات الفرقة في بعض اللقطات، لا تبدو الموسيقى عاملاً أساسياً في حياة فيشس ولا في تكوين شخصيته. وقد يعود ذلك إلى أن أهمية فيشس كموسيقي نفسها تشكّل موضع جدال بسبب إدمانه المفرط على المخدرات الذي غالباً ما كان يمنعه من العزف خلال الفترة القصيرة التي انضم فيها إلى الفرقة (1977ــ1978).
لكنه اشتهر أكثر بسبب حادثة «تشيلسي أوتيل» في منهاتن حيث وجدت صديقته نانسي ميتة طعناً، واتهم بقتلها قبل أن يموت بعدها بفترة قصيرة في جرعة زائدة من المخدرات. قد يبدو هذا الخيار في السيناريو والإخراج مجحفاً بحق موسيقى البانك، إلا أنه في الوقت نفسه يشكّل نقطة قوة الفيلم. فشخصية سيد كما يصورها المخرج هي نقيض البطل النموذجي، فلا فخر أو عظمة يصبو إليها، ولا هدف يطمح إلى تحقيقه باستثناء الخسارة والتخلي والانغماس في التدمير الذاتي.

شخصية نانسي
أيضاً تشارك سيد
في خروجها عن النمطية


هو يتبع الحياة أينما تقوده، ما يجعله في الحقيقة أكثر واقعية، وربما بذلك قد يمثل روح البانك الحقة التي تنشد الهامشية وتعارض النظم المتعارف عليها. شخصية نانسي أيضاً تشارك سيد في خروجها عن النمطية، فهي بفظاظتها وطبعها المتفجر لا تطابق المواصفات الكلاسيكية للبطلة الأنثى، ما يجعل هذا الثنائي وعلاقة الحب التي تجمعهما خارجة تماماً عن المألوف. ما ينجح فيه المخرج هو تصوير ثنائية الشغف والإدمان اللذين يجتمعان في علاقة الحب بين نانسي وسيد ليشكلا واحداً. ينجح في تصوير هذا الرابط العاطفي شديد الخصوصية والحميمية والمدمر معاً الذي خلقته المخدرات بينهما.
وفي حين يبدو أداء كلوي ويب في دور نانسي مهيمناً بقوة حضورها، ينجح الممثل غاري أولدمان في دور سيد بتجسيد العالم الداخلي لهذه الشخصية من خلال المشاهد الصامتة. خصوصاً أن أغلب حوارات الفيلم مقتضبة، ما يخلق تفاعلاً استثنائياً بين الممثلين على الشاشة. وعبر التواتر بين الإيقاع السريع والبطيء والكاميرا الثابتة والمتحركة، يحاكي المخرج اضطراب سيد ونانسي ونبض الحياة الحيوي في بداية الفيلم، الذي يخفت شيئاً فشيئاً ليصل في النهاية إلى الجمود الكلي... الموت.



«سيد ونانسي»: 20:30 مساء اليوم ــــ «ذا غارتن» (بيال) ـ للاستعلام: 01/204080