أول من أمس، عقدت جمعية «مارس لبنان» March Lebanon مؤتمراً تناول الرقابة على الأعمال الفنية، تحديداً مسرحية «بتقطع ما بتقطع» (إخراج لوسيان بو رجيلي)، التي رفض الأمن العام اللبناني عرضها على المسرح، كما تطرّقت «مؤسسة سمير قصير» خلال المؤتمر الذي عقد في أحد فنادق بيروت إلى واقع الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخطر تعدّي مكتب «مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية» على خصوصية المواطنين.
«بتقطع ما بتقطع» مسرحية أنتجتها «مارس» منذ عام، وتحاكي واقع رقابة الأمن العام على الأعمال الفنية. المسرحية الساخرة عُرضت في جامعات عدة بهدف توعية الطلاب حول ضرورة مناهضة الرقابة المسبقة على الأعمال الفنية، وإفساح المجال أمام حريّة الإبداع. لاقت تجربة عرض المشروع استحسان الطلاب، ما دفع الجمعية إلى التفكير في عرضها على المسارح، ووجب عليها تقديمها لقسم الرقابة على الأعمال الفنية في الأمن العام لنيل الموافقة، إلا أنها قوبلت بالرفض. برّر الأمن العام خطوته شفهياً على لسان رئيس مكتب الإعلام في الأمن العام العميد منير عقيقي يومها، بأنّ المسرحية «لا تعبّر عن الواقع، وقيمتها الفنية متدّنية».

القسم الثاني من المؤتمر تناول الرقابة على مواقع التواصل

خصّصت «مارس» الجانب الأكبر من مؤتمرها أول من أمس لإطلاق «بتقطع ما بتقطع 2». عرض يسرد الأحداث التي حصلت إبان رفض الأمن العام للمسرحية الأولى، لتردّ بذلك على الأمن العام بمسرحية تعبّر عن الواقع كما هو، بحسب مؤسسة الجمعية ليا بارودي لـ «الأخبار». القسم الثاني من المؤتمر تناول الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي التي يتولّاها مكتب «مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية». وأشاد المدير التنفيذي لـ «مؤسسة سمير قصير» أيمن مهنا بانجازات المكتب في ما يتعلّق بكشف العديد من الجرائم الالكترونية، مثل قرصنة الحسابات أو كشف شبكات الدعارة، لكنه أشار أيضاً إلى أنّ المكتب «يمضي قسماً من وقته في التحقيق مع المدوّنين والصحافيين، فلا صلاحيات واضحة لعمله». ولفت مهنا إلى «تخوّف من كون المكتب يتجسس على المدوّنين أو الصحافيين ويدخل حساباتهم». وطالب بأن يتعهّد المكتب ألا يخترق خصوصية أيّ شخص «إلا بقرار قضائي معلّل ومكتوب»، كما تحدثّت المدوّنة لونا صفوان عن تجربتها مع المكتب، متطرقة إلى دوره الإيجابي والسيّئ. ذكّرت مثلاً بالحادثة الأخيرة المتعلقة بالطفل السوري خالد، الذي تعرّض للعنف على يد أحد الأطفال، والدور الذي قام به المكتب لملاحقة الجناة. وتحدّثت أيضاً عن الجانب السلبي عبر استدعاء الصحافيين وإجبارهم على توقيع تعهّد بعدم التكرار، باعتبار أن المكتب ليس الجهة المخوّلة التحقيق في القضايا المتصلة بحرية الرأي. المدوّن جينو رعيدي خضع للاستجواب أيضاً، لافتاً إلى أن المكتب طلب منه المثول من دون توضيح القضية، وطلب منه توقيع تعهّد، إلا أنه كتب التعهّد بصيغته التي تحفظ حقّه القانوني. سبّبت خطوة استجواب المكتب للصحافيين والمدونّين في السابق، ردود فعل كثيرة أبرزها من جمعية «المفكّرة القانونية» التي طلبت من الذين يستدعيهم المكتب أن يرسلوا كتاباً إلى الجهات القضائية المختصة ليطلبوا تحويل القضية إلى محكمة المطبوعات.