القاهرة | حتى أوّل من أمس، كان الهجوم على «حماس» ودعم إسرائيل في حربها على غزّة منحصراً في الإعلام المصري الخاص، قبل أن يدخل التلفزيون الرسمي (ماسبيرو) على الخطّ. مقالات تؤكّد أن إسرائيل لم تعد العدو، فالصحف العبرية تستشهد بتصريحات لإعلاميين مصريين تؤكّد أن أهل غزة يستحقّون ما يجري لهم بسبب حركة «حماس». فقد أهانت أماني الخياط التي تقدّم برنامج «صباح أون» (قناة «أون. تي. في.») الحكومة المغربية في إطار تعليقها على مناشدة رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» خالد مشعل، لأداء دور أكثر فعالية لنصرة الفلسطينيين، ثم تضطر الإعلامية إلى الاعتذار (الأخبار 17/7/2014).
كل هذا لم يوفّر للمصدومين من تلك المواقف مناعةً لتفادي صدمة جديدة، تمثلت في خروج الأصوات نفسها من التلفزيون المصري، إذ تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للإعلامية حكمت عبد الحميد مقدمة برنامج «صباح الخير يا مصر»، تعلّق فيه على تصريحات قادة «حماس» الرافضين للمبادرة المصرية بهدف وقف القتل في غزة. علّقت الإعلامية بالحرف «واحنا مالنا ما تقتلتوا أطفالكم. مش هيبقوا أغلى من جنودنا». هكذا فإنّ إعلامية تعمل في التلفزيون الذي علّم المصريين أنّ إسرائيل هي العدو الأول قبل خمسين عاماً، فرّقت للمرة الأولى بين الدمّ المصري والدم الفلسطيني.
كالعادة، انطلق الهجوم على عبد الحميد من دون معرفة اسمها، فمعظم الوجوه التي تطلّ عبر «تلفزيون الشعب»، كما يسمى حتى الآن، غير محفوظة الاسم لدى المتابعين.
كما أن القنوات الحكومية لا تحقّق نسب مشاهدة مرتفعة، ولولا اليوتيوب لما شعر أحد بما قالته عبد الحميد التي تتكرّر أخطاؤها المهنية كل فترة، ولا تنال أيّ عقاب، ما يفسّر تجرّؤها على أن تدلي برأيها الشخصي على الشاشة، وتُعفي مصر من مسؤوليتها التاريخية في كل ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية وغزة تحديداً، رغم أن هناك ضيفاً يجلس أمام الإعلامية في الاستديو، إلا أنّ ناشري الفيديو فشلوا في التعرّف على اسمه، فمن المفترض أن يقول هذا الضيف رأيه وتلتزم الإعلامية المغمورة بالحياد. هكذا على الهواء مباشرة وبهذا الكمّ من الفجاجة في التعبير، تخطّت الإعلامية واجبها المهني والأخلاقي، ولم يصدر أيّ ردّ فعل من «ماسبيرو» تجاه موقف حكمت عبد الحميد. فقد بات واضحاً أن إدارات القنوات المصرية حكومية كانت أو خاصة، لا تحاسب إعلامييها إلا في حال انطلاق حملات غاضبة ضدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا في ما يخصّ القنوات التي لا تزال تحترم مواقف الرأي العام على غرار «أون. تي. في.». فقد تقدّمت الأخيرة باعتذار إلى الخارجية المغربية على تصريحات الإعلامية أماني الخياط المسيئة للشعب المغربي. كما أجبرت المقدّمة على الاعتذار بشكل واضح وصريح على الهواء مباشرة. أما قنوات مثل «صدى البلد» التي يطلّ من خلالها الإعلامي أحمد موسى، وقناة «الفراعين» التي تعمل فيها حياة الدرديري، فلم يجد القائمون عليها ما يستدعي الردّ على استشهاد وسائل إعلام إسرائيلية بتصريحات موسى والدرديري.