وأخيراً اكتشف الإعلام الغربي أنّ في غزّة أطفالاً يموتون. حقيقة لم يتوصّل إليها إلا بعد «مجزرة الشاطئ»، التي حصلت أوّل من أمس بالقرب من فندق «الديرة»، وراح ضحيتها أربعة أطفال من عائلة «بكر» أثناء «جرأتهم» على اللهو.المشهد حصل على مرأى من عيون عدد كبير من الصحافيين الأجانب، الذين كانوا في الفندق، حيث يقيمون أثناء تغطيتهم للعدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر.

انشغل الإعلام الأجنبي خلال اليومين الماضيين بالمشهد المأساوي.
قد يكون أصدق ما كُتب عن هذه الجريمة المروّعة، هو ما نشره تايلر هيكس في «نيويورك تايمز». بعد سرد تفاصيل ذلك النهار منذ الصباح الباكر، انتقل الأخير إلى وصف مشهد الموت، وتردده في الذهاب لمساعدة الضحايا خوفاً من العبثية الإسرائيلية. وفي النهاية، أكد أنّ أطفالاً يرتدون ملابس صيفية يحاولون الهرب من القصف «لا يتطابقون مع الوصف الذي تقدمه إسرائيل» لمقاتلي «حماس».
بأدق التفاصيل، وصف مراسل الـ«غارديان» في غزّة، بيتر بومونت، اللحظات الأخيرة قبل الواقعة، فيما كان مع زملائه يراقبون ما يجري كأنّه مشهد في فيلم. بمجرّد حدوث الانفجار الأوّل، صرخ الصحافيون الواقفون إلى جانب حائط شرفة الفندق: «إنّهم مجرّد أطفال»! بعدها، راح يصوّر حالة الأهل والجرحى في «مستشفى الشفاء». بنبرة المتعاطف، ختم بومونت كلامه بما قاله عم أحد المصابين:«ارتكتب هذه المجزرة بدم بارد. من العار أن يفشلوا في معرفة أنّهم أطفال مع كل القدرات التكنولوجية التي يدعون امتلاكها». علماً بأنّ بومونت علّق على الموضوع مرّات عدّة على تويتر.
من جهته، كتب مراسل الـ«واشنطن بوست» في القطاع، وليام بوث، ما شاهده بأم العين بعيد وقوع المجزرة. حدّد بدقة ما حصل إثر الغارة الأولى، وكيف راح عاملون في الفندق وبعض الصحافيين يلوّحون لبعض الأطفال للاقتراب، لعلّهم يصبحون في مكان أكثر أمناً، لكن القصف الثاني دوّى خلفهم تماماً، وعلت الأصوات في «الديرة»: «لقد أصيبوا». وضمّن بوث مقاله بفيديو من أرض الحدث، إضافة إلى صور مؤلمة للأطفال، لافتاً إلى أنّه «كل يوم كنّا نرى هؤلاء يركضون على الشاطئ، يلهون مع الأمواج».
في السياق، أشارت «واشنطن بوست» إلى أنّه رغم فظاعة ما حدث، إلّا أن أعداداً كبيرة من الأطفال سقطت في غزّة منذ بدء العدوان، عازية إهمال الإعلام الأجنبي لهم سابقاً لسقوطهم بعيداً عن فندق «الديرة».
لحظة وقوع المجزرة، رصدها مراسل قناة nbc الأميركية، أيمن محي الدين، على تويتر: «أطفال فلسطينيون ذهبوا ضحية غارة إسرائيلية. كنت ألهو بالطابة معهم»، قبل أن ينشر صورة لرد فعل أم بعد سماع نبأ استشهاد نجلها. زميله في channal 4 البريطانية، جوناثان ميلر، اختار التغطية عبر تويتر أيضاً، إذ نشر صورة من موقع الغارة، وأخرى من المستشفى، وواحدة من داخل المسجد، حيث كان يُصلّى على الجثامين، كما انضم إليه مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية نيك كايسي.
أمام هذا المشهد، بدا لافتاً تغريد قناة TF1 الفرنسية خارج السرب، بعدما نقلت الجريمة البشعة بخجل، وواصلت البروباغندا الإسرائيلية.