الحرب على غزة هي الصورة الأكثف حضوراً هذه الأيام عبر مقاطع وكلمات احتجاجية مؤيّدة ومعارضة للجانبين بدأت تشتعل في البحر الافتراضي السعودي. المكان الذي تقمع فيه السلطة أيّ تظاهرة مؤيّدة، تخرج نصرة لفلسطين، فيما يستمرّ غضب وإصرار الناشطين على مواصلة الاحتجاج الافتراضي على المجزرة الإسرائيلية.
أبواق تصرخ ضدّ المقاومة، وأخرى تؤيّدها، وتنشئ من أجلها قوائم العار. من قلب مواقع التواصل الاجتماعي، انتشر هاشتاغ على تويتر بعنوان «#قائمة_العار_السعودية». انتقد من خلاله نشطاء الأصوات السعودية المؤيّدة لإسرائيل في عدوانها على قطاع غزّة، وخصوصاً القنوات التلفزيونية التي تدرّجت في تعريف الشهداء الفلسطينيين من شهداء الواجب المقدّس، إلى شهداء المقاومة الفلسطينية، وصولاً إلى «القتلى» الفلسطينيين!
أما قائمة العار الآخذة بالاتساع، فقد ضمّت صحافيين وكتّابا ودعاة، منهم الصحافي طارق الحميد، وعثمان العمير، ومدير قناة «العربية» عبد الرحمن الراشد، إضافة إلى الروائي عبده خال، الذي غرّد قائلاً: «حركة «حماس» لم تتّعظ من تجاربها، وها هي تعيد إطلاق صواريخ ليس لها أثر، لتحفز إسرائيل على اقتحام قطاع غزّة، وتدمير حياة مدمّرة»، فيما دوّن الصحافي في جريدة «الجزيرة» التابعة للنظام، محمد آل الشيخ، مؤكداً أنّ «إسرائيل أصبحت حقيقة، ولديها 200 رأس نووي.

تضم كتاباً
وصحافيين بينهم عثمان العمير، وعبده خال، وعبد الرحمن الراشد

لو أنّها قصفت كل بلد عربي بـ 10 رؤوس فقط لانتهى جنس العرب. اعقلوا، فالسلام معها هو الحل». من جانبها، ردّت الناشطة السعودية سعاد الشمري على صفحة الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بأنّه «نتمنى أن تكون قدسية رمضان دعوى للسلام بين الجانبين، والتوصّل إلى اتفاق يحقن دماء الأبرياء ويوقف استغلال حماس».
صخب الأحداث الساخنة، تلقّفه النشطاء المحلّيون، بترصّدهم أغلب تغريدات المتعاطفين مع الهجوم الإسرائيلي على غزة، قبل أن يتداولوها. أحد المؤيدين للمقاومة الغزاوية قال: «هي ليست قائمة واحدة ستُسَوّد صفحات تاريخنا. إن لم ننطق بالحقّ وننصر إخوتنا فلنلزم الصمت»، كما أضاف آخر صوراً لطائرات بدون طيار أطلقتها «كتائب القسام» فوق الأراضي المحتلة. متسائلاً: «أين المنتقدون للمقاومة من هذا الإنجاز التاريخي ضد العدو؟».
يبدو أنّ السعوديين عثروا على جدلية جديدة ينوون البقاء في داخلها. قضية غزة تسلّط الضوء على واقع الاختلاف في المملكة. هناك من فضّل البقاء تحت عباءة السلطة حتى تشبّه بها، وهناك من قرّر الخروج من قطيع الأيدولوجيا القبلية التي ضاعت بوصلتها في تصنيف العدو، في الوقت الذي تسجّل فيه غزّة انتصاراتها!