مع كل مجزرة إسرائيلية جديدة، تهب وسائل الإعلام الأجنبية لنصرة المعتدي وتبرير ممارساته، لا بل إنّ جزءاً كبيراً من الإعلام العربي يشارك في تحويل الضحية إلى جلاد، والعكس. كل ذلك في ظل محاولة الإعلام الفلسطيني المحلي تغطية الأحداث المتسارعة على الأراضي المحتلة، منذ اختطاف ومقتل المستوطنين الإسرائيليين في منتصف حزيران (يونيو) الماضي وصولاً إلى التصعيد الإسرائيلي الحالي في قطاع غزة. في مقال نشرته أوّل من أمس على موقع «المونيتور» الإلكتروني، أشارت أسماء الغول إلى أنّ ما يسود المشهد الإعلامي الفلسطيني هو «التغطية الإخبارية السريعة والمقابلات الحيّة من الميدان، من دون تحليل عميق للأحداث، مع شح في المعلومات وغياب التوقعات»، ما يؤدي بالعديد من الوكالات والصحف إلى اعتماد المصادر الإسرائيلية، وبالتالي تشويه الأحداث.
أبرز الأمثلة على هذا التزوير في الأحداث ما حدث الثلاثاء الماضي على قناة «آي بي سي» الأميركية حين وصفت المذيعة دايان سوير في برنامج World News المَشاهد التي تلت القصف الإسرائيلي على غزة بأنّها نتيجة «صواريخ سقطت من القطاع» على المستوطنات والمدن المحتلة. أثناء عرض مشاهد الغارات على غزة، علّقت سوير بالقول: «الآن، نأخذكم إلى ما وراء البحار حيث تسقط الصواريخ على إسرائيل كالمطر أثناء محاولة اعتراضها في السماء قبل بلوغها أهدافها». وبالانتقال إلى صورة عائلة فلسطينية تجمع أغراضها وسط ركام منزلها المدمّر، لفتت المذيعة الأميركية إلى أنّها تجسّد «عائلة إسرائيلية تحاول إنقاذ أغراضها قدر المستطاع». بعد ذلك، ذهبت سوير إلى وصف امرأة فلسطينية محاطة بمنازل مُدمَّرة جراء قصف جيش الإحتلال بالقول: «هذه امرأة تقف مصدومة بين الركام» في محاولة للإيحاء بأنّها إسرائيلية، رغم أنّ زيّها يظهر هويتها الفلسطينية.
في مقالها الذي فنّدت فيه الفيديو (متوافر على موقعنا) على موقع «الانتفاضة الالكترونية»، اعتبرت رانيا خالق أنّ هذا التضليل الواضح لا يمكن أن يكون إلا كذباً متعمّداً من قبل abc بهدف «إخفاء الحقائق عن الرأي العام، أو جهلاً مقصوداً». وإثر ذلك، نشرت صفحة البرنامج على فايسبوك أمس تعليقاً اعترفت فيه بالخطأ الذي ارتكبته وبأنّ الصور كانت لفلسطينيين، مشددة على أنّنا «نادمون على الخطأ وسنصححه».


انطلاق «حملة
التضامن مع فلسطين» للضغط على bbc

تغطية الإعلام الأجنبي المجحفة للعدوان على غزّة، أثارت حفيظة جهات عدّة. جهات قرّرت التحرّك لوقف جريمة أخرى تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني وتزوير الحقائق والتلاعب بها.
«حملة التضامن مع فلسطين» (Palestine Solidarity Campaign)، أعدت أخيراً عريضة، مطالبة الجميع بالتوقيع عليها. العريضة التي نُشرت على موقع الحملة الإلكتروني وصفحتها الرسمية على فايسبوك، جاءت لحث «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) على تحسين تغطيتها لما سماه الاحتلال عملية «الجرف الصامد» على القطاع. وصفت العريضة ما تعرضه bbc بأنّه «خالٍ من السياق والخلفية»، مذكرةً إيّاها بأنّ «غزّة تحت الاحتلال والحصار الإسرائيليَيْن»، كما أنّ القطاع «لا يملك جيشاً ولا قوّات عسكرية جويّة أو بحرية، بينما يعتبر الجيش الإسرائيلي من الأقوى في العالم». وأضافت أنّه عند تصوير القصف الإسرائيلي لمجموعة من المدنيين كـ«رد» أو «انتقام» لهجمات صاروخية صادرة من غزة، «نود أن نذكرك بأنّ ذلك نابع من تهجير الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني من دياره، وتحويل الملايين إلى لاجئين». (رابط العريضة). آلة القتل الصهيونية ماضية في إجرامها، والإعلام الغربي ماض في شهادة الزور!