‏سبعة فنانين لبنانيين يُثرون بأعمالهم معرضاً جماعيّاً مقاماً حتى 15 تموز (يوليو) المقبل في «غاليري جانين ربيز» تحت عنوان «في الصدع حيث الوقت معلّق» (له عنوان بالإنكليزية أيضاً In The Rift, Where Time is Suspended). يضمّ هذا المعرض الجماعي أعمالاً لجوزيف حرب، أدليتا إسطفان، آلان فاسوان، مهى يمين، كريستين كتّانة، أليسا رعد وأحمد غدّار. وفي تعريف الغاليري للمعرض، نقرأ: «حيث سُحِقَ الفنّ الخلّاق بسخافة إنتاج الفنّ، وحيث أصبحت الأعمال الفنيّة غير متناسبة مع الفوضى القاتلة، فإنّ الوقت يبدو معلّقاً، والحياة معلّقة، والكون معلّقاً، في سيرورة المذبحة البطيئة المذهلة (…) إنّ صناعة الفنّ، نتيجة سنوات متراكمة من الملاحظة والترصّد والتنبؤ بالأشياء المرئيّة، إضافة إلى ثُغَرٍ جديدة هي ثغرٌ في جدران الذاكرة والزمن».
اليسا رعد ـــ «طبيعة ميتة» (زيت على كانفاس ــــ 50 × 110 سنتم ــــ 2009/2011)

يصف الفنانون المشاركون واقعنا الحياتيّ المنحرف. عبثيّة تنجم عن هذا «الوقت المعلّق» الذي يتصدّى له الفنانون بقوّة الفعل والفكر والإبداع والذاكرة. فهذه كريستين كتّانة تقدّم شريطَي فيديو رقميّين يعتمدان أسلوب التحريك والطباعة الرقميّة تحت عنوان «حدود الباء»، فالبيت لها هو مجال الكينونة الحميمة، والتعدّي على فضائه هو تعدٍّ على مخزون الذاكرة والأحلام. لذا نذرع البيت ذهاباً وإياباً، نفتح النوافذ والأبواب ونغلقها، نتململ، نرتعد، ندرك أنّ الرحيل غير ممكن إلا إذا نسينا البيت (عنوان الفيديوين: «حدود الباء» و«لا تزال 1» طباعة مصبوغة على خرقات من صور (21 × 13.4 سنتم ـــ الطباعة 1 من 4). إلى أعمال أليسا رعد المؤلفة من ثلاث لوحات زيتية واثنتي عشرة فوتوغرافية منحتها عنوان «الأزمنة الرماديّة»، وأحدها رسم ذاتيّ (self-portrait) لها، يسبر غور الأفكار بلعبة ألوان وأشكال وأضواء وظلال. أحمد غدّار (رينوز) اختار لأعماله مجموعة من قطع ورقيّة وتخديشات (etching) ليهبها عنوان «تضخّم»، وتشكّل بدورها عنوان سلسلة «رهائن دولة ساقطة» من وحي الأزمة المعيشية المتفاقمة. ومن تمظهراتها «سيترن» الماء والعملة المكدّسة الفاقدة قيمتها (في كتيّب المعرض التعريفيّ: رينوز، لقب الفنان غدّار، «رهائن دولة فاشلة» # 4 ، # 3 ، # 2 ــــــ 2021 ، مجموعة أوراق نقدية مقطّعة ومثبتة على ورق قطنيّ ــــ 24 × 32 سنتم).

رينوز ــــ «رهائن دولة فاشلة» (أوراق نقدية مقطّعة ومثبتة على ورق قطنيّ ــــ 24 × 32 سنتم ــ 2021)

تنضمّ أديلتا اسطفان إلى هذا المعرض الجماعي بمجموعة من مشروعها السابق «كان يعلم». سلسلة تجهيزات مرسومة على ورق مقوّى، رسوم منمنمة تمتدّ فوق مساحة خمسة أمتار عرضاً وثلاثة أمتار ارتفاعاً أو أكثر في بعض النتوءات، وفيها ترداد لكلمات بسيطة متكرّرة ألوف المرات بقلم أكريليك أزرق على مئة واثنتي عشرة ورقة بيضاء تؤلِّف مشهد العمل البصري. وانتشر هذا الوسم عبر شبكات التواصل الاجتماعيّ في الفترة التي أعقبت انفجار مرفأ بيروت المزدوج في 4 آب 2020.
منحوتة واحدة، في المشهد الإجماليّ للمعرض أنجزها جوزيف حرب ومنحها عنوان «ألِف» تجسّد ساقاً مبتورة ترمز إلى جسد مكتمل وإلى موت وانبعاث.
انتشر الوسم الذي تتبنّاه أديلتا إسطفان، إبان انفجار المرفأ


أمّا منحوتات آلان فاسويان، فهي تجهيز تفاعليّ متحرّك يشير في عنوان «محادثة كلب» إلى الاعتداء على الكلاب الضالّة بالقتل، وتلك ظاهرة متكرّرة في لبنان منذ مدة غير قصيرة.
نصل إلى فيديو لمهى يمّين مكوّن من تأمّلات وحكايات متراكمة ومستعادة ومفكرة خاصة. عنوان هذا العمل «14» وهو اسم إحدى ألعاب ورق الكوتشينة أو ما اصطلح على تسميته بـ «ورق اللعب». لكنّ اللعبة هذه لدى يمين تتمّ بواسطة أوراق بيضاء فارغة. وبالنسبة إليها «إنّ لعبة الورق اليومية هي طريقة أولئك الذين يهربون من الواقع. هل من اللائق الاستمرار في صنع الفن في السياق الراهن؟».
إنّه واقع شاذّ، انحرافيّ، عبثيّ، يملأ «الزمن المعلّق» بل نَفَس الحياة المقطوع: كلاب تنبح بالتزامن مع صراخ البشر، أجساد مجزأة فقدت سوية هيئتها الإنسانية، وألعاب بلا معنى، حروف مخدّرة… تجتمع كلها في مكان مصدّع وزمن مشوّه حيث مظاهر الحياة الغريبة خارج المألوف. الفوضى تغدو نظاماً، والعبث يسحق الفعل الإبداعيّ.

* «في الصدع حيث الوقت معلّق»: حتى 15 تموز (يوليو) المقبل ـــــ «غاليري جانين ربيز» (الروشة) ــ للاستعلام: 01/868290