يعود «مهرجان كابريوليه للأفلام القصيرة» بدورته الرابعة عشرة ضمن ثيمة «الغريب» Weird، ليكمل بذلك استمراريته منذ عام 2009. طرح منظّمو المهرجان عنوان «الغريب» كثيمة للأفلام المشاركة، فكان بحث في معنى هذا المفهوم، وإعادة التفكير في القوانين التي تحدّد «الطبيعي»، و«غير الطبيعي» في المجتمع. كما أنّه يشكّل دعوة إلى التعبير الحرّ عن الذات من دون الشعور بالخوف أو بالاضطهاد تجاه الاختلافات المتعددة بين الناس. بذلك، هو يسعى إلى حرية تبدأ بتقديم اختلافاتنا التي تتمرّد على المعايير والقوالب الجاهزة التي تخلق سياسات التصنيف والاضطهاد والإقصاء. لطالما تميز «مهرجان كابريوليه» بثيماته المطروحة. دورته سنة 2019 كانت تحت عنوان Untold الذي كان يدعو إلى قول الحقيقة وما وراءها بمختلف مفرداتها: حقائق، مشاعر، معتقدات، أحلام، أسرار، بهدف كسر الصمت.وفي دورته سنة 2020، انطلق تحت عنوان «جرأة- Dare» الذي دعا إلى الجرأة في قول الحقيقة متحدياً الخوف الذي يحجبها. أما دورته السنة الماضية، فحملت عنوان «الوجود- Exist». ساءلت الثيمة مفردات الوجود وسط ضغوط كبيرة يمكن أن تجعلنا نتوقف عن الحياة، وتفقدنا شعورنا بوجودنا الشخصي وخصوصاً بعد ما عاشه الكوكب مع تجربة الحجر الصحي والموت العشوائي جراء الوباء.
تترافق هذه الثيمات مع السياق الاجتماعي والتاريخي للبنان، فهي تكسب قيمتها من خلال طرحها ضمن السياقات المعقّدة في البلاد على اختلاف الأحداث خلال السنوات السابقة، كما تقترن الثيمات مع السينما، الأداة الأساسية التي تعبر عن الممارسات داخل هذه الثيمات في السؤال عن معاني الوجود، والإصرار على الحرية في السياق الاجتماعي السياسي.
تشترك أفلام هذا العام، بثيمة «الغريب»، لكنها تتنوع في الموضوعات مثل الرؤية إلى العالم كفيلم الأنيميشن Vermin (إخراج جيريمي بيكر) الذي يتحدث عن شاعر فأر تظهر غرابته الخاصة من خلال قصائده المليئة بالأمل التي تناقض قسوة مجتمع الفئران. يندرج الفيلم ضمن ثيمة «الغريب» بآلية طرحه، ما يوسع عملية التلقي والرؤية تجاه الموضوع.
تتنوّع الأعمال بين الأنيميشن والواقعي، وأفلام الخيال والكوميديا

وهناك أيضاً رؤية إلى الذات كفيلم «أشعر أكثر بأنني غريب» الذي يطرح صراعاً ذاتياً للشخصية باربرا من خلال دخولها في سباق جري مع غريب خلال ركضها اليومي، فتكتشف أبعاداً غريبة في شخصيتها مرتبطة بالخوف من «الغريب» والرغبة في مساعدته. ويطرح المهرجان أيضاً الرؤية للمجتمع مثل فيلم Inheritance (إخراج ماثيو هاغ) الذي يحكي قصة زينة وعودتها إلى حبّها القديم وهي حامل، لتكون غريبة وسط مكانها الأول (بيت العائلة) فتدخل في صراع مع معايير المجتمع للمرأة الحامل الوحيدة. وأخيراً يحمل المهرجان رؤية للكوكب وما يهدده، إذ يبدأ المهرجان بفيلم The Beauty (إخراج باسكال شيلبلي) الذي يناقش قضية تلوّث المحيطات وأثره على جمالية الكوكب وجمالية رحلتنا داخله. ويُختتم المهرجان بفيلم الخيال العلمي THE HURL (إخراج سمير القواص) الذي يناقش قضية تضخّم القمامة وأثرها على البيئة من خلال فرضية بناء ناطحات سحاب من مجمّعات القمامة. تختلف أنواع الأفلام بين الأنيميشن والواقعي، وأفلام الخيال والكوميديا، وتختلف جنسيات الأفلام وسنوات إنتاجاتها، ما يجعل رصيد المهرجان متنوّعاً على صعد عدة ضمن ثيمته الكبيرة.

* «مهرجان كابريوليه للأفلام القصيرة»: بدءاً من 3 حتى 5 حزيران (يونيو) ــــ «درج مار نقولا» (الجميزة) ــــ الدخول مجاني ـــ للاستعلام: 81/716372