إذا كان حظّ الصحافي «يفلق الصخر»، فإنه سيتمكّن من الوصول إلى مديرَي قسمَي الأخبار والبرامج في القنوات اللبنانية. لا عجب في ذلك، فهذه الفترة هي الأشدّ سخونة ونشاطاً في قسم الأخبار الذي يستعدّ للانتخابات النيابية التي ستُقام بعد غدٍ الأحد. الجميع متأهّب. القائمون على الشاشات عقدوا اجتماعات طارئة لوضع خطة لتوزيع المراسلين والتقنيين على الأراضي اللبنانية. تشمل التغطية جميع دوائر الاقتراع، مع إعطاء أفضلية لبعض النقاط الساخنة التي تشهد معارك طاحنة. لكن كيف تتحضّر القنوات اللبنانية لليوم الطويل؟ ماذا عن جهوزيّتها؟ كيف ستوزّع مراسليها؟ كيف انعكست الأزمة الإعلامية وهجرة الإعلاميين على التغطيات المنتظرة؟كانت القنوات اللبنانية، قد بدأت برمجتها الانتخابية قبل حلول شهر رمضان الماضي، وواصلتها طيلة شهر الصوم، إذ تزامن رمضان مع زمن الانتخابات هذه المرة. في هذه المرحلة، جمّدت القنوات مسلسلاتها لتحلّ مكانها البرامج السياسية والانتخابية التي تعود بالمنفعة المالية على القناة. فالمال الانتخابي لم يعد أمراً مستغرباً على سياسة المحطات، بل على العكس فإنّ الشاشات تنتظر موسم الانتخابات النيابية من أجل تحصيل مال انتخابي ربما يُنقذها من أزمتها التي تغرق بها منذ أعوام.
هكذا، كان اقتراع المغتربين اللبنانيين في الخارج أول صفّارة أطلقتها القنوات للانتخابات الأسبوع الماضي. تسابقت الشاشات على إرسال الإعلاميين لتغطية عملية الاقتراع التي شملت دولاً أفريقيّة وأوروبيّة (فرنسا، ألمانيا...) وخليجية (الإمارات العريبة، السعودية...). ومع بدء العدّ العكسي لـ 15 أيار (مايو) الحالي، ازدادت حماوة الانتخابات تدريجاً. على باب استديوهات lbci في أدما (جونيه)، سيارات البثّ المباشر متوقّفة، تشي بحجم المنافسة المتوقّعة بعد غدٍ الأحد.
بسرية تامة، يعمل فريق الأخبار في lbci على وضع خطة لتغطية اليوم الطويل. يتولى تلك الخطة جوي بيار الضاهر الذي وضع أسس توزيع الإعلاميين خلال اليوم الطويل. يفضّل القائمون على المحطة عدم الكشف عنها أمام الإعلام، لأنّها ستُنفّذ يوم الاقتراع. لكن في العموم، تقوم الخطة على التعاقد مع مراسلين يظهرون للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة، بعدما خضعوا لتدريب خاص لتغطية حركة الاقتراع. وضعت المحطة اللبنانية خطة تقنية في حال حصول أيّ عطل طارئ، قد يُصيب شبكتَي الكهرباء والإنترنت. كما أطلّ قسم الأخبار في lbci بديكور جديد كُشف عنه خلال تغطية اقتراع المغتربين.
من جانبها، تحوّلت مكاتب «المنار» إلى خليّة نحل تحضيراً لليوم الموعود. يقول مدير نشرة الأخبار علي حايك لنا إنّ «فرقنا جاهزة لمواكبة الانتخابات. عملياً، انطلقت المواكبة الأسبوع الماضي مع اقتراع المغتربين. واليوم نحن في صلب الانتخابات». لا يُخفي حايك وجود «عقبات قد تعترض عملية التغطية من بينها انقطاع شبكتَي الكهرباء والإنترنت، فالتجارب الماضية لا تبشّر بالخير بهذين القطاعين اللذين يواجهان مشكلات عدة. لكن لدينا خطط للطوارئ». ماذا عن فريق العمل؟ يُجيب: «لدينا نحو 33 فريقاً من مراسلين وإعلاميين منتشرين على الأراضي اللبنانية كافة. رغم تعرّضنا لبعض المضايقات في عدد من المناطق، إلا أننا نقوم بواجبنا المهني لتغطية حركة الاقتراع في غالبية المناطق». ويختتم كلامه بالتأكيد بأنه إلى جانب التغطية الإعلامية ليوم الانتخابات على الشاشة الصغيرة، ستواكب صفحات السوشال ميديا الخاصة بـ «المنار» الحدث على مدار النهار.
في استديوهات mtv في منطقة النقاش (شمالي بيروت)، اختلط مراسلو الفقرات الاقتصادية والترفيهية والرياضية مع العاملين في قسم الأخبار. إذ قرّر رئيس مجلس إدارة المحطة ميشال المر دمج الأقسام لتغطية أكبر عدد من نقاط ودوائر الاقتراع. يقول المنتج في القناة جان نخول إنّ «جميع المراسلين سيتوزعون على مختلف الأراضي اللبنانية لتغطية الانتخابات. أكثر من 26 مراسلاً سينتشرون في الدوائر الصغرى والكبرى». لكنّ مارسيل غانم تفرّد بالهواء طيلة الأسبوع الحالي لتقديم حلقات خاصة من برنامج «صار الوقت» (باستثناء السبت مع بدء مفعول الصمت الإعلامي)، حاور فيها مرشّحين من مختلف التوجهات السياسية. على أن يطل مساء الأحد بحلقة خاصة تعدّ جولة على عملية الاقتراع والفائزين، بينما يتولى نخول الإعلان عن أرقام ونتائج الاقتراع. ويرفض المنتج الدخول في لعبة الأرقام التي يدفعها المرشحون لقاء ظهورهم مع غانم، مكتفياً بالقول بأنّ هذا الأمر تتولاه إدارة mtv.
رغم العقبات المالية والإدارية التي تعترض «تلفزيون لبنان»، إلا أنّه وضع خطة لتغطية يوم الانتخابات. تتحدّث مديرة البرامج والأخبار السياسية في القناة الرسمية دينا رمضان عن تعاون بين قسمَي البرامج ونشرات الأخبار، في محاولة لتقديم تغطية شاملة. وتلفت إلى أنّ لا تغيرات في برمجة «تلفزيون لبنان» هذا الأسبوع، باستثناء بدء مدير البرامج والأخبار السياسية في mtv وليد عبود تقديم برنامج سياسي على «تلفزيون لبنان» يحمل اسم «مع وليد عبود». على أن يستمر عرض البرنامج الحواري في الفترة المقبلة. وتوضح أنّ «تلفزيون لبنان» يحاول تعزيز كوادره البشرية خلال فترة الانتخابات. ورغم الوضعَين الاقتصادي والمالي وغياب التوظيف في التلفزيون، إلا أنّه تم التعاون مع أكثر من 15مراسلاً سيواكبون التغطية طيلة يوم الأحد.
رغم الحماوة الانتخابية، إلا أنّ otv لم تخصّص ميزانية لافتة للمراسلين الذين سيغطون الانتخابات. فقد قرّرت أن «تجود بالموجود»، وتتعاقد مع بعض المراسلين لتولّي تلك المهام. فالأزمة المالية التي تعصف بالشاشة البرتقالية، لا تزال مفاعليها تضرب أقسامها الإخبارية والحوارية. في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أنّ القائمين على otv قرروا تقديم موعد نشرات الأخبار طيلة هذا الأسبوع (من الساعة 7:45 إلى الساعة 7:30)، لتقديم حلقات خاصة بالانتخابات تُعرض مساء (20:00). وتلفت إلى أنّ فريق العمل في المحطة سيعمل ضمن قدراته المتواضعة لتغطية عملية الاقتراع، مع فرق واضح بين الميزانية المالية التي وضعت لتغطية انتخابات عام 2018 وبين ميزانية انتخابات اليوم.
مراسلون يظهرون للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة بعد هجرة المخضرمين


ليست Otv وحدها التي تعمل ضمن إمكاناتها، بل كذلك الحال بالنسبة إلى nbn. يقول رئيس مجلس المحطة قاسم سويد لنا إنّ ورشة كبيرة دخلتها القناة أخيراً، لكنها ستكون ضمن إمكاناتها المتواضعة. يوضح: «سنحاول تغطية المحافظات كافة، ولدينا مندوبون موزعون على الأقلام، ناهيك بتغطية داخل الاستديو». وفي «الجديد»، لا تبدو الصورة مختلفة عن باقي الشاشات. عملية التحضير لليوم الانتخابي انطلقت منذ فترة طويلة. إلى جانب التعاون مع مراسلين في مختلف المناطق، ستعرض القناة مروحة برامج تسبق الصمت الإعلامي.
التحضيرات المكثّفة لـ «أم المعارك» تجمع القنوات اللبنانية التي تعترف أيضاً بأنّ هجرة المراسلين والمقدمين إلى الخارج في السنوات الأخيرة بسبب الأزمة المالية وارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية أصابا أداء هذه القنوات بضعف. إذ تفتقد مراسلين محترفين للتعاقد معهم بسبب انتقالهم للعمل خارجاً، فيما انكبّت على تدريب مراسلين جدد انضموا إليها حديثاً.