محمد الصغير أولاد أحمد
مقرّ القيادة الشعرية للثّورة التونسية:
1
في حَالةِ انْتَصرُوا
سأخْرجُ للطريقْ
وأَعُدُّ أصواتي التي صَمتَتْ ..
وأجلسُ في الطريقْ
لِتَمُرَّ قافلةُ الكَراهِبِ*
لنْ أقُومَ مِنَ الطريقْ
ومُمَدّينَ: أنا وظلّي والخَسارةُ ..
سوفُ نصْرخُ بالطريقْ:
أوْصلْتِهمْ.. وأضَعْتِنا:
شكراً.. نُحبّكِ يا طريقْ
2
في حالةِ انْهزمُوا ..
سأخْرجُ للطريقْ
وأعدُّ أصواتي التي نَطقتْ
وأرقُصُ في الطريقْ
لِتمُرَّ قافلةُ الكَراهبِ
لن أحِيدَ عنِ الطريقْ
ومُمَدّدينَ
أنا وظلي والحَمامةُ
سوفَ نصرخُ بالطريق:
أوْصَلْتِنا وأضعْتِهمْ
شكراً.. فأنتِ هيَ الطريقْ
3
في حالةِ انتصروا ولمْ يخْسرْ أحَدْ
وتزوّجَ الاثنانِ منْ يومِ الأحدْ
وتشابهتْ أيّامُنا..
وتواتَرتْ أعوامُنا
والرّيحُ، تلكَ الرّيحُ، غاضِبة..
وتَعْبثُ بالغَريقْ
سأظل أبحثُ عن حروفٍ..
كيْفما رتّبْتَها.. تعْني: الطريقْ
4
في حالةِ انهزمُوا..
ولمْ ينجحْ سواكْ
يا نائمًا في قبركَ العالي..
ويَحْرُسُكَ الملاكْ
يا مُشْعِلَ النّيرانِ في مَتْنِ الحريقْ
سأكونُ جسْمَكَ ماشياً..
ومُغنّياً..
طولاً وعَرْضاً.. في الطريقْ
5
في حالةِ اقْتَتَلُوا..
ولمْ يظهرْ غُرابٌ في الأفقْ
وتبعْثرتْ أجسادُهمْ
وتطايَرتْ أرواحُهمْ
سيكونُ حَفْري للقبورِ مُباشراً..
بطريقتي.
وعلى الطريقْ
6
في حالةِ انتصرَ السلاحُ على الكفاحْ
وتعَسْكرَتْ أجْواؤُنا ومياهُنا وتُرابُنا
وتلاَ البيانَ مُلازمٌ متربّصٌ..
باسمِ الكتيبةِ و الفريقْ
سأظلُّ أبحثُ عنْ طريقٍ..
في الطريقِ.. إلى الطريقْ
7
في حالةِ احْتدمَ الصراعُ على الحدودْ
وتمكّنَ الجيرانُ منْ فرْضٍ الأوامرِ والنّواهي والقُيودْ
خوْفًا من الثوراتِ..
مِنْ فَقْدِ الغنيمةِ والعتيقْ
ستَرى لباسي أخْضر..
مثْلَ الحشيشِ على الطريقْ
8
في حالةِ ابْتدأَ الخطابُ بِـ: «أيُّهَا»
وتتابعَ التصفيقُ حتى لا يُضافَ لأيُّهَا
معْنى ولا مبْنى عَدَا:
«أبداً معكْ :
أنتَ المُخلِّصُ.. يا زعيمُ.. ويا رفيق»
ستكونُ لي طرقٌ ..
ومُفْرَدُها: طريقْ
9
في حالةِ اتّسعَتْ مجالِسُنا لِبتْرولِ الخليجْ
وحَرامُهمْ أضْحى حراماً عنْدنَا
وحَلالُنا أضْحى حراماً عندهمْ
وبلادُنا صارتْ قطيعَ مُهلّلينَ كما الحجيجْ
في حالة انطفأ الشعاعُ ..
وزادَ.. فانْطفأَ البريقْ
سأكونُ، في الإسفلتِ، مثْلَ حصَى الطريقْ؟
10
في حالةِ اخْتَفَتِ النساءُ مِنَ البلادْ
وبَراقِع مُتشابهاتٍ صِرْنَ ما بيْنَ العِبادْ
حتّى إذا نادَيْتَ واحدةً..
وكنتَ تَظنُّها لَيْلاَكَ..
أخْطأتَ المُسمَّى والأمارةَ..
والقِلادةَ والأساوِرَ والعقيقْ
في حالةِ اخْتَفَتِ النساءُ أبي:
لِأُولَدَ مِنْكَ وحْدَكَ.. يا أبي
يا ابنَ الجنوبِ.. على الطريقْ
11
في حالةِ انْدسَّ المقدّسُ في القوانينِ التي سنُسطّرُ
وتخيَّروا في أمْرِنا رَجُلاً ـ إلَهً.. جاهِلاً.. ويُكفِّرُ

12
في حالةِ ابتعدتْ جِهاتٌ عنْ جهاتٍ
وبَدَا، عِيَانًا، أنّنا بَلَدانِ في بلَدٍ وحيدْ
وانشقَّ شرْخٌ في الإدارة والنشيدْ

13
في حالةِ اعتذرُ القتيلُ لقاتِلِهْ
وتقرّضَ الجرذانُ أرشيفَ الوزارةِ ..
والإدارةِ والرصاصْ
ورأى القضاةُ نقيضَ أمْرٍ لمْ يروْا ..
مُتلهّفينَ إلى التّلذّذِ بالقصاصْ
وتواصلَ الظّلْمُ الرّهيبْ
وتحتّمَ السّجنُ السّحيقْ
سنعودُ مِنْ نفسِ الطريقِ إلى بداياتِ الطريقْ
14
في حالةِ الشعبِ الكريمِ
(إذا أرادَ وقدْ أرادَ)...
إذا أرادَ ولم يُرِدْ
وتلعْثمتْ نَبَراتُهُ في المجلسِ المنْظورِ ..
ثم أعادَنا لرُقادِنا
حِرْصاً على المجبُولِ
أيْ: خوفاً منَ المأْمولٍ والمجهول
فليسمح بتسْميتي لهُ:

«شعبًا شَقيقْ»
وصدى سيرْجعُ مُرْعِباً:
ـ ضاعَ نُجومُكَ.. يا طريقْ
15
في حالةِ انْفردَ الشبابُ بتونس الخضراءَ
واحتلّوا المناصبَ كلَّها
/ سأكونُ شيْخاً عنْدَها /
وسُئِلْتُ:
ـ ما دخْلُ الشّبيبةِ في السياسةِ؟
لنْ أجيبَ بغيْرِ هذا:
ـ الشبابُ هُمُ الطريقْ
ـ معَهمْ سَمَاءٌ.. فلْتَطِرْ ..
ما كنتَ في قفصٍ إلاّ لأنكَ لمْ تكنْ حرّاً طليقْ
16
في حالةٍ قدْ لا أكونُ ذكرْتُها
ولعلّني قدّرْتُـها ونسيتُها
خوفًا على مسودّتي..
من طولها.. من وزْنها
يبْقى لكمْ هذا الفراغُ ...
مَؤونَةٌ... تكْفي الطريقْ

17
في كلِّ حالاتِ الطريقْ
لا بُدَّ منْ أمْرٍ نُحاولُهُ معاً
أوْ.. لا فُرادَى.. لا مَعاً
في كلِّ حالاتِ الطريقْ
سَعَةً وضيقْ
سِعَةً وضيقْ ..
لا بُدَّ مِنْ معْنًى دقيقْ
لا بُدَّ مِنْ مبْنًى أنيقْ

ليتشرا / ايطاليا ـ رادس / تونس
24 سبتمبرـ 12 أكتوبرـ عام الثورة ـ 2011
*الكراهبُ: مفردها:كرهبة بالدارجة التونسية وتعني:سيّارة.. ويقع استعمال أو عدم استعمال مُنبّهاتها في حالات النصر الجماعي أو الهزيمة الجماعية. غير أن هذه الكراهب لم يقع استعمالها، منذ الاستقلال إلى الآن،إلا اثر مباريات كرة القدم.. ويتوقّع كاتب هذه السطور أن يكون لهذه الكراهب ومُنبّهاتها دور سياسي اثر الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيس المقرّرة ليوم 23 أكتوبر 2011
ــ من المفروض أن تكون هذه القصيدة ذات 23 مقطعاً غير أن الشعر لا يستطيع إرغام نفسه على السرعة والارتجال مثلما تفعل أغلب الأحزاب السياسية اليوم التي استضافتها الثورة فأخلّت بآداب الضيافة؟؟