تزدحم الدراما الخليجية هذا العام بالمسلسلات الحقبوية والتراثية. يعرض تلفزيون «الكويت» أربعة مسلسلات أبرزها «سنوات الجريش» الذي أعاد الممثلة حياة الفهد إلى تلك النوعية بعد الفشل الذريع الذي مُني به مسلسلها «مارغريت» العام الماضي و«أم هارون» الذي اكتفى بنجاحه في إثارة الجدل بعيداً عن أي سوية فنية.مسلسل «نوح العين» (تأليف الكاتب البحريني جمال الصقر والمخرج البحريني مصطفى رشيد) الذي يعرض على العديد من القنوات الخليجية، أخذ حيزاً واسعاً من المشاهدات وأثار الكثير من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع تطرقه إلى موضوع «وأد البنات». إذ بدأت العديد من الصحف السعودية أخيراً التنصل من هذا الموضوع، كما نرى ذلك في ما كتبه محمد السعد في جريدة «الوطن» السعودية، إذ أورد إنّ «عملية وأد البنات لم تكن ظاهرة شائعة في المجتمع. وإن وجدت فهي حالات فردية واستثنائية لا أسباب واضحة ومحددة لها. ولو كانت ظاهرة منتشرة في المجتمع الجاهلي، فإن أولى نتائجها حدوث تشوّه في التركيب السكاني في المجتمع، ما يؤدي إلى حدوث اختلالات بين الجنسين، وهذه الاختلالات ستؤسس لأزمة زواج في المجتمع المصاب بهذه الاختلالات لعدم وجود عرائس للزواج، وهذه الأزمة ستتبعها أزمات مرافقة كانتشار جرائم الخطف والاتجار بالنساء. وهناك تحيزات واضحة تجاه المجتمع الجاهلي ومحاولة لشيطنة هذا المجتمع كأن أفراده قساة ووحوش يتصفون بالهمجية لدرجة ارتكاب جرائم لا أخلاقية كجريمة الوأد من دون أسباب مقنعة». ويبدو أنّ تلفزيون الكويت أراد قطف الجماهيرية بفتح تلك القضية من دون إغضاب شرائح خليجية واسعة تريد طي صفحة الماضي البعيد، فقارب المسألة في الحلقة من دون أن يطأها. هكذا، رأينا الممثل القدير محمد المنصور بدور النوخدة عمران المتلهف لولادة صبي ذكر. وعند معرفته بأن المولود أنثى، يبدأ بحفر قبر صغير ثم يأخذ الرضيعة سائراً بها نحو قبرها في مشهد يؤشر إلى عملية وأد مرتقبة. إلا أن المجريات تختلف عند سماعه بكاء طفلته الأخرى، حزناً على ما سيفعله والدها، فتضع نفسها في القبر مكان شقيقتها حتى يستفيق والدها من كارثة وأد رضيعته
ولمزيد من «غسل أيدي» تلفزيون الكويت من مجرد الاقتراب من هذا الموضوع الحساس خليجياً، تبدأ كل حلقة من المسلسل بإشارة تنبيهية إلى «أنّ احداث هذا المسلسل من وحي خيال الكاتب ولا علاقة لها بأي أحداث وقعت في مجتمعنا الكويتي أو الخليجي في الماضي.. لذا اقتضى التنويه».
أثار الكثير من الجدل في الإعلام السعودي


كل تلك الاحتياطات والمسلسل فقط أوحى للمشاهدين بعملية الوأد ولم يكملها، لتأخذ مجريات العمل في حلقاته التالية المنحى الاجتماعي المعتاد والمكرر مع محاولات الرجل الزواج من أخرى لإنجاب الذكر وسط تشتت وضياع الحبكة بخيوط ثانوية واهية. ويسجل في العمل الأداء المتميز للممثل الكويتي القدير محمد المنصور بدور النوخذة، صاحب أو قبطان سفينة صيد السمك واللؤلؤ والممثلة مرام البلوشي.
العمل الذي يبثه تلفزيون الكويت كعرض أول، أتى نسخة مماثلة لعشرات الأعمال الحقبوية التي دأبت المحطات الخليجية على تسلية الصائمين فيها بتذكيرهم بماضيهم وشظف العيش من دون الخوض في القضايا الإشكالية.

* مسلسل «نوح العين» على تلفزيون الكويت