قبل عام بالتمام والكمال، ظهرت نيكول الحجل في برنامج «أحمر بالخط العريض» على lbci، للحديث عن قضيتها وخسارتها توأمها عندما كانت حاملاً في شهرها السادس، وعن «إهمال» الطبيب ريشار خراط حالتها (لم تذكر اسمه وقتها)، وتجميعها بيانات تدينه ستواجهه بها أمام القضاء. انقضى عام، وها نحن اليوم، أمام انكشاف اسم الطبيب، واعتقاله في الإمارات أثناء تواجده هناك لإنهاء امتحان طبي بعد الوشاية به على خلفية إحدى تغريداته الساخرة (تعود إلى أكثر من عامين) التي طاولت حكام الإمارات، كما أمام بيان لنقابة الأطباء، يؤكد فيه على تلكؤ الحجل عن الإدلاء بإفادتها أمام لجنة التحقيقات المهنية في النقابة، وتذرّعها بالانشغال بالعمل، في مقابل إعطاء خراط إفادته بشأن وفاة التوأمين، ما «أخّر صدور قرار لجنة التحقيق» بحسب البيان.

(باتريك شابات)

هذه القضية الشخصية التي أضحت اليوم، قضية رأي عام، لارتباطها باعتقال الطبيب في الإمارات، وما تبعها من ملابسات، بدأت بإعادة تغريد ديما صادق، لأحد الحسابات الإماراتية على تويتر. تغريدة توشي بالطبيب، وتتّهمه بالتهكم على حكام الإمارات، إلى جانب تضمّنها دعوة إلى النائب العام الإماراتي حمد الشامسي لاعتقال خراط. وذكرت صادق في التغريدة اتهام الطبيب «بقتل أجنّة» نيكول الحجل.
وفي وقت انتشرت فيه صور خراط وحملات التضامن معه، والدعوة الى الإفراج عنه، وتصدّر اسمه منصة تويتر اللبنانية، كان فاقعاً التواطؤ الإعلامي اللبناني والتعتيم على تفاصيل القضية وتجاهلها بالكامل. والمعلوم أن الإمارات تضع ثقلها في هذه القنوات وتقوم بتمويلها في مقابل مساحات ترويجية تمنع أي مسّ بها أو حتى انتقادها. ما حصل مع الطبيب النسائي اللبناني، لا يبتعد كثيراً عما واجهه الملحن سمير صفير في السعودية العام الماضي، إذ اعتُقل أيضاً بتهمة «الإساءة» الى المملكة عبر سلسلة تغريدات عُمل على نبشها والتشهير به. عاد بعدها صفير الى ربوع وطنه، معتذراً من السعودية، وملتزماً الصمت حيالها، وحيال ما حصل معه في أقبية الاعتقال السعودية. صمت زاد عليه تواطؤ آخر يتمثل في الفنانين/ ات الذين آثروا السكوت على ما حصل مع زميلهم، خوفاً من الغضب الخليجي الذي قد يطيح بهم وبلقمة رزقهم.
انتشار ظاهرة الوشاية من قبل إعلاميين على المنصات الاجتماعية

وقبله أطيح بفرصة عمل حظي بها جاد غصن في المملكة، بعد التحريض عليه رقمياً، ونُبشت تغريدات أرشيفية له يعبّر فيها عن آرائه النقدية للسعودية. المشهد عينه يتكرر اليوم، مع ريشار خراط الذي واجه بدوره صمتاً إعلامياً مدوياً، وجرى التكتم على خبر اعتقاله، مقابل انتشار ظاهرة الوشاية باللبنانيين من قبل إعلاميين على المنصات الاجتماعية، والإسهام في قطع أرزاقهم وتهديد حياتهم، فقط لأنهم يختلفون معهم في السياسة. مشهد يكرس نفسه اليوم، على الساحة الإعلامية لمجموعة وشاة يعملون جاهدين لإرضاء أسيادهم الخليجيين، ولو على حساب لبنانيين آخرين، من خلال المساهمة في التحريض والتعتيم على قضايا حرية الرأي والتعبير. قضايا، للمناسبة، يتشدّقون بها ليلَ نهارَ، وبات مؤكداً أنها تقف عند أعتاب الخليج المعروف بتشدّده في هذا السياق وإبرامه قوانين جائرة عن التغريد وإعادة التغريد، وصولاً إلى الاعتقال وتهديد حياة هؤلاء المغرّدين!