تنطلق أحداث المسلسل الذي يندرج ضمن أعمال «شاهد» الأصليّة، بعد 70 عاماً من نهاية العالم، بعدما أنهكت الحروب القارّات، واستُخدمت فيها أسلحة دمار شامل أدّت إلى انفجارات نووية في أماكن عدّة، ذهب ضحيّتها مئات الملايين وانهارت دول وحكومات وامتلأت المدن والقرى بالمقابر الجماعية. هكذا، استحالت المعالم الحضارية حطاماً، وانتهت التكنولوجيا فيما الموت يحدق من كلّ ناحية. رغم هذا المشهد القاتم، هناك ناجون في بقاع متفرّقة من العالم استطاع بعضهم مقاومة الفناء، في مخابئ من صنع أيديهم حافظوا فيها على أدنى الموارد التي تعينهم على البقاء. وسط كلّ هذه الفوضى والعشوائية والبشاعة، انتشرت الميليشيات المسلّحة والعصابات في المناطق المنكوبة، بينما الأمل الوحيد في استمرار الحياة هو الوصول إلى بقعة الضوء الوحيدة المتمثّلة بـ «الجسر».
تُحسب لصنّاع «الجسر» محاولتهم السير على طريق التجديد والتجريب والابتعاد عن المألوف، وإن كانت النتيجة غير مُرضية. فالمسلسل يترك انطباعاً لدى المشاهد بأنّه أُنجز على عجل، نظراً إلى الضعف الذي تعانيه الحبكة وركاكة الحوارات أحياناً. والأهمّ طريقة التصوير التي اعتمدها بيتر ميمي: غالباً ما تثير مشاهد القتال السخرية بدلاً من الحماسة والإثارة، وكذلك الكادرات الغريبة المُعتمدة في المطاردات، كأنّ هذه المشاهد لم تمرّ على مرحلة ما بعد الإنتاج!
تُحيلنا بعض خطوط الحكاية إلى الفيلم الهوليوودي Mad Max: Fury Road
أما على صعيد أداء الممثلين، فقد تنوّع بين التواضع وملازمة المنطقة الآمنة. في هذا الإطار، لم تكن نيللي كريم على قدر التوقّعات. فالفنانة التي حفرت طريقها نحو النجومية بكثير من الاجتهاد، أقدمت في شخصية «دليلة» على «دعسة ناقصة»! إذ تطلّ بطلة مسلسل «ضدّ الكسر» بدور زعيمة المستعمرة المستبدّة المجرّدة من المشاعر، تتخذ قرارات يومية مبنية على مبادئ وضعها والدها المؤسِّس. امرأة ديكتاتورية تعتقد أنّها دوماً على حق، لنكتشف في النهاية سرّاً كانت تحرص على إخفائه. يغلب الافتعال على أداء نيللي التي يبدو كأنّها لم تتقمّص «دليلة» بما فيه الكفاية، كما فعلت في أدوار سابقة قدّمتها ببراعة وطبيعية وأريحية. فالبرود والصرامة والتكبّر التي تُعدّ سمات الزعيمة الأساسية، أتت غير مُقنعة. هناك حلقة مفقودة. حتّى إنّ لياقة كريم البدنية المعروفة، لم تساعدها في تأدية مشاهد الأكشن والقتال. وإن كانت المسؤولية هنا تقع على عاتق المخرج الذي أخفق في إدارة الممثّلين (يشارك في العمل إلى جانب عمرو سعد ونيللي كريم، كلّ من: أسماء أبو اليزيد، محمد علاء، سارة الشامي، عصام عمر...).
لغاية الآن، يلازم الجدل إنتاجات الخيال العلمي العربية التي تُبصر النور في الآونة الأخيرة، بدءاً من مسلسل «النهاية» (سيناريو وحوار عمرو سمير عاطف وإخراج ياسر سامي) الذي لعب بطولته يوسف الشريف، مروراً بفيلم «موسى» وليس انتهاءً بـ «الجسر». إلّا أنّه رغم الملاحظات التي يمكن تسجيلها، من الواضح أنّ هذه الأعمال مطلوبة ولن تختفي عن خارطة الدراما، ولا سيّما في ظلّ الصراع القائم والمنافسة المحمومة بين منصّات الـ «ستريمينغ». وهي بالتأكيد تجارب يمكن البناء عليها.