في العام الماضي، أصدرت ريما خشيش (1974) ألبوماً مخصصاً للموشحات القديمة بعنوان «هوى ـــ موشحات»، موزّعة بطريقة جديدة مختلفة. اعتبرت آنذاك أنّه أصعب شيء تؤديه. في حديث سابق معها (الأخبار 25/4/2013)، أقرّت أنها غالباً ما كانت تختار ما يتناسب مع الآلات التي ترافقها. الا أنه في ألبومها الخامس هذا، غنّت ما تحبّه، وما تعلّمته وتطورت فيه.
وهي عُرفت منذ بداياتها بميلها الى التراث العربي الكلاسيكي، خصوصاً الموشحات والأدوار وأدّت أصعبها، وترافقت غالباً على المسرح بعازفي آلات غربية. قبل ذلك، استعادت أغنيات من أفلام ظهرت فيها صباح في أسطوانة تحية لها حملت عنوان «من سحر عيونك». المزيج بين التقليد الشرقي والعزف الغربي كان حاضراً أيضاً في ألبوم خشيش «فلك» الذي أصدرته عام 2008. وفيه، استعادت سيد درويش ووديع الصافي على طريقتها. أما الأسطوانة الجديدة التي تعمل حالياً عليها، فتضم أغنيات جديدة فقط: لا استعادات ولا موشحات كما في الأعمال السابقة. وسوف تقدّم خشيش عدداً منها ضمن الأمسية التي تحييها الليلة في «مسرح المدينة». في الواقع، تقول خشيش إنّ معظم هذه الاغنيات تعود الى مشروع عملت عليه في برلين مع ربيع مروة، وهو تحية الى الشاعرة إيتل عدنان. إذاً، الفنانة المعروفة بدفاعها عن الطرب تقفز هذه المرة في أحضان شاعرة حداثية يصعب غناؤها بعد تجربة عابرة مماثلة مع قصيدة «بضع دقائق» لعباس بيضون. في هذا الصدد، شرحت: «اختار ربيع نصوصاً لها، واستخدمها بتصرف ولحّنها وقدّمناها في إطار مشروع في برلين. عمل هو على التلحين والكتابة».


اختار ربيع مروة النصوص واستخدمها بتصرف ولحّنها
لكن كما في كل من أعمالها السابقة، هذا الألبوم أيضاً عمل فريق متكامل. الكل يشارك فيه، والكل يعطي رأيه للتوصل الى النتيجة المنشودة. في ما يتعلّق بأمسية «مسرح المدينة»، فسيكون مروة حاضراً، ليرافق الفنانة عزفاً على الغيتار، وسينضمّ إليهما أيضاً طوني أوفرووتر الذي بات موجوداً بشكل دائم في أمسياتها على البايس، إضافة الى سلمان بعلبكي على الرق. فرقة مصغّرة إذاً سترافق المغنية، مع تركيز في آلتين غربيتين، ومساندة إيقاعية من الرق الشرقي. فقد تعوّدنا أن نرى خشيش على المسرح مرافقة بمزيج من الآلات الغربية والشرقية في نوع من العزف الـ«فيوجن»، الا أنّ غناء خشيش شرقي مئة في المئة، «أنا لا أغني موسيقى غربية ولا جاز، بل الآلات التي ترافقني تعزفها. غنائي شرقي». والمؤكد أن هذا الاتجاه في الغناء العربي الكلاسيكي برفقة آلات غربية ليس أسهل ما يكون، لاختلاف الايقاعات والمقامات بين نوع الغناء ونمط
العزف. شغفها بالغناء جعل الفنانة تدرس أصول الغناء العربي في «المعهد الوطني العالي للموسيقى» في بيروت. وبمساعدة والدها كامل خشيش، تعلمّت إتقان الألحان العربية الكلاسيكية من موشحات وأدوار وقصائد. دخلت لاحقاً في مجال تعليم الغناء في المعهد الموسيقي. كما انضمت الى فرقة «قطار الشرق» وكانت عضواً أساسياً في هذه الفرقة المختلطة بين هولندا والعراق ولبنان التي رمت ضمن أهدافها الاساسية الى توفير مساحة لقاء بين التراث العربي وموسيقى الجاز. في برنامج أمسية الليلة، أعدّت خشيش أغنيات معروفة من ربرتوارها أيضاً على غرار «كلام الليل» و«فلك» و«حفلة ترف».
ورغم شغفها بالتراث الغنائي، لا تبدي المغنية أي امتعاض من التجارب الجديدة الرامية الى تجديد هذا التراث، فهي مع كل فكرة جديدة «شرط ألا تؤذي تلك التجارب هذا التراث»، مضيفة: «لا يمكننا أن نتلاعب فيه، خصوصاً إن كان الشخص الذي يفعل ذلك لا يعرفه جيداً.
نجاح التجربة أو فشلها يعود الى ثقافة الشخص الذي يستعيد الاغنيات القديمة والى مدى اطلاعه على هذه الموسيقى وطريقته في استعادتها».



حفلة ريما خشيش: 20:30 مساء اليوم ـــ «مسرح المدينة» (الحمرا) ــ للاستعلام: 01/284715