ليست مبالغة وصف عملية صرف موظفين عرب ولبنانيين من قناة «دويتشه فيله» الألمانية (DW) الناطقة بالعربية بحجة «معاداة السامية»، بـ«عملية تطهير للعرب ولكلّ من يُعادي إسرائيل». بعد إعلان المدير العام للمحطة، بيتر ليمبورغ، القرارات الصادرة عن اللجنة المؤلّفة من وزيرة العدل الألمانية السابقة زابينه لويتهويزر شنارنبرغر والفلسطيني أحمد منصور، والقاضية بصرف خمسة موظفين، باتت الأضواء مسلّطة على قناة «الجديد» اللبنانية. من المعروف أنّ الأخيرة وردت، مع قنوات عربية أخرى، ضمن التقارير التي نشرتها الصحافة الألمانية قبل شهرين تقريباً، وأدّت إلى اتهامها بـ «معاداة السامية».
لطوف ـ البرازيل

في نهاية العام الماضي، غصّ الإعلام الألماني بتقارير تضمّنت مواد «تجسّسية» على الصفحات الافتراضية لصحافيين وقنوات متعاقدة مع الشاشة الألمانية (على دورات تدريب وتبادل برامج)، فُتح على إثرها تحقيق في الملفّ، أدّى إلى صرف مدير مكتب DW في بيروت اللبناني باسل العريضي ومواطنه داوود إبراهيم، والسوري مرهف محمود، والفلسطينيّتين مرام سالم (شحاتيت) وفرح مرقة. علماً أنّه يتم التحضير للوائح جديدة لصرف المزيد من الموظفين العرب، خصوصاً الفلسطينيين.
بعدما عرض بيتر ليمبورغ القرارات النهائية خلال مؤتمر أقيم عن بُعد يوم الاثنين الماضي، توقف المدير العام للقناة عند وضع المحطات التي ذكرها تقرير اللجنة النهائي. قال ليمبورغ إنّه يمكن للمحطة معاودة التعاون مع قناة «رؤيا» الأردنية في حال حذفت الكاريكاتورات المسيئة لإسرائيل. أما محطة «معاً» الفلسطينية التي يديرها ناصر اللحام، فقد جمّدت الشبكة الألمانية مباشرة تعاونها معها بحجة أنّها «تصنّف حركة «الجهاد الإسلامي» كمنظمّة مقاومة». أما بالنسبة إلى «الجديد»، فلفت التقرير إلى تحوّل في «سياسة المحطة اللبنانية خلال العامَيْن الأخيرَيْن، لكنّها لا تزال تشجّع على العنف وتستضيف نوّاباً من حزب الله». لم يتوقف ليمبورغ عند هذا الحدّ، بل كشف عن عقود جديدة ستوقّعها DW مع موظفيها والقنوات العربية المتعاقدة معها، تتضمن الموافقة على عبارة «حقّ إسرائيل في الوجود»!
لم تمرّ ساعات على عرض نتائج التقرير، حتى أبلغت «رؤيا» القائمين على DW عن رفضها استئناف التعاون نظراً إلى أنّ «العقود الجديدة تتعارض مع سياسة المحطة المعادية لإسرائيل» وفق ما علمنا. وبما أنّ «معاً» خرجت من اللعبة الإعلامية، باتت الأنظار موجّهة صوب «الجديد» التي بقيت وحيدة في الميدان.
في هذا الإطار، تلفت مصادر لنا إلى أنّ موقف DW تجاه وسائل الإعلام العربية يتّسم بالضبابية، وأنّ ما يتمّ التحضير له داخل الشبكة الألمانية يؤذن بـ «مرحلة خطرة جداً». إذ إنّها تحاول الضغط على القنوات التي تتعاون معها، للتوقيع على العقود الجديدة سرّاً أو علناً، بهدف ضمان مستقبل تعاقدها معها، منعاً لتكرار الحادثة التي أدّت إلى صرف الموظفين.
في هذا السياق، تقول نائبة رئيس مجلس إدارة «الجديد»، كرمى خياط، في اتصال مع «الأخبار» إنّ «القناة اللبنانية ستجتمع مع القائمين على المحطة الألمانية الأسبوع المقبل، لتبني على الشيء مقتضاه». هكذا، يمكن القول إنّ المحطة لم تحسم بعد أمرها بشأن فضّ تعاقدها الإعلامي مع DW، وربّما تحاول الخروج بصيغة تعاون جديدة. لكن في ظلّ تضمّن العقود الجديدة «حق إسرائيل في الوجود»، هل تفعلها «الجديد»؟


نقيب المحررين: لن نسكت عن هذا الظلم
أعلن نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي في بيان، أن «النقابة لن تسكت عن الصرف التعسفي للزميلين اللبنانيين في مؤسسة «دويتشه فيليه» الألمانية باسل العريضي وداوود ابراهيم، بتحريض وضغط من اللوبي الصهيوني بسبب مواقفهما المؤيدة للقضية الفلسطينية، علماً أنهما لم يقدما طوال فترة عملهما في المؤسسة على أي تصرف يخالف قوانينها ومدونة سلوكها. ولا يحق للمؤسسة على الإطلاق أن تحاسبهما على مواقف مسبقة أطلقاها قبل التحاقهما فيها». وتابع: «إن مجلس النقابة في تشاور دائم مع الزميلين العريضي وابراهيم ومجموعة من المحامين لاتخاذ الإجراء اللازم، وهو راسل السفارة الألمانية في بيروت مبلغاً استنكاره لصرف الزميلين. كما راسل «الاتحاد العام للصحافيين العرب»، والاتحاد الدولي لهذه الغاية» وختم: «سيتصل مجلس النقابة بنقابتي المحامين في كل من بيروت وطرابلس للمساعدة القانونية من خلال إشراك محامين تسميهم للدفاع عن الزميلين، ومراسلة اتحاد المحامين العرب والاتحاد الدولي للمحامين لادانة هذه الانتهاكات. كذلك، ستكثف النقابة الاتصالات مع وزارة الاعلام لتنسيق التحرك تجاه هذه القضية. وستكون هناك سلسلة تحركات يعلن عنها في حينه».