القاهرة | الإعلام المصري مليء بوجوه لا تتعلّم من الأخطاء. بات واضحاً أنّ إدارات القنوات الخاصة في مصر لا تراجع مذيعيها في أي لفظ أو سلوك غير مهني يخرج منهم على الهواء مباشرة، وإلا لما تحوّلت الأخطاء إلى كوارث كما فعلت مها بهنسي (الصورة) أول من أمس على شاشة «التحرير». المذيعة المعادية لـ«ثورة يناير» التي وصفت الثوّار بـ«الكلاب» قبل أشهر (الأخبار 25/2/2014) بررت وقوع حالات تحرش فردية في ميدان التحرير عشية تنصيب الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي بأنّ «الناس مبسوطين» و«الشعب بيهيص». بهذه الجمل ردّت بهنسي على مراسلة القناة التي أكدت حدوث حالات تحرّش وسط الزحام، كما يجري في ميدان التحرير كلما امتلأ. قبل ذلك، كان التحرّش يُستخدم لتشويه الميدان، واتهام الثوار المعارضين بأنّهم «بلا أخلاق». لكن يبدو أنّ كثيرين لا يدركون أنّ الانهيار الاخلاقي في أي أمة، لا ينال فئة بعينها، بل المطلوب التصدي للتحرش ككل، لا معايرة من قام به لو كانت آراؤه لا تعجب مها بهنسي، أو تبريره طالما أنّ بهنسي وغيرها يظنون أنّ التبرير سيمحو ما جرى، ويظل الاحتفال خالياً من
العيوب.

سريعاً، فوجئت بهنسي صباح أمس الاثنين بحملة هجوم عنيفة، تفوق ما تعرض له الإعلامي تامر أمين على قناة «روتانا مصرية» عندما هاجم الفتاة التي تعرّضت للتحرش داخل جامعة القاهرة. وقتها، قال أمين إنّه لم يكن يبرر التحرش لكنه يعاتب الفتاة على ملابسها فقط ومرت الأزمة! وظنّت بهنسي أنّها قد تنجو بتقديم اعتذار مماثل، لكنّ حجم الغضب ضدها، وخصوصاً أنّها سيدة، جعل اعتذارها يذهب أدراج الريح، كما أنها صاغته بطريقة لم تقنع أياً من الغاضبين بالصفح عنها. قالت بهنسي إنّها لم تكن تعلم أنّ الميكروفون مفتوح، وأنّها كانت تتكلم عن الموضوع مع الموجودين في الاستديو على أنه شائعة، ولم تقصد بالطبع تبرير التحرش. وفيما طالب الغاضبون قناة «التحرير» بإبعاد بهنسي عن الشاشة، التزمت المذيعة الصمت، أملاً ربما بانقضاء العاصفة كما يحدث عادة، ثم يعود الإعلاميون أنفسهم مرة أخرى بأخطاء أكثر فداحة.