فوجئ اللبنانيون بالمؤتمر الصحافي الذي عقده المدير العام لـ«تلفزيون لبنان» طلال المقدسي أخيراً. ظنّ الجميع أنّ المونديال بات في جعبة التلفزيون بعد الحديث عن التفاعل القائم بين المسؤولين في لبنان وقطر. أفصح المقدسي عن ذلك خلال مؤتمره في أحد استديوهات التلفزيون، إذ أشار إلى شخصين بالاسم: رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان ووزير الداخلية السابق مروان شربل.
واظب الاثنان على الاتصال بالمراجع في قطر بهدف السماح للتلفزيون ببثّ المباريات على شاشته (القناة الأرضية)، ذلك أنّ البث الفضائي اشترته القناة الرياضية المتخصّصة beIN. غير أنّ المؤتمر لم يفصح عن النتائج المتوخاة على هذا الصعيد. أفصح المقدسي أنّ شركة «سما» الشارية لحقوق بثّ مباريات كرة القدم لا تزال تمتلك حصرية العلاقة بالقناة/ الأم الناقلة. وجّهت «سما» إنذاراً إلى شركة «تلفزيون لبنان»، بضرورة الحدّ من التصريحات الكثيرة المحيّرة، لا المؤكدة، عن نقل التلفزيون للمباريات على الصعيد الأرضي. بيد أنّ نقل المونديال على القناة الأرضية بات يفتقر إلى التغطية السياسية وإقناع اللبنانيين بالجانب الاقتصادي منه. في الشق الأول من الموضوع، بات مدير التلفزيون بلا سنده السياسي، مع انتهاء ولاية سليمان. السؤال الأساسي يدور الآن حول هدف النقل بذاته. فالأخير يحتاج إلى عدة كاملة، سيخفّف غيابها من جدية فكرة النقل إذا حدثت، لأن «تلفزيون لبنان» لم يخلق المعدات الضرورية لاستكمال النقل كتأمين الاستديوهات اللازمة، والتعاقد مع المعلقين اللازمين لإضفاء الأجواء الساحرة على المباريات كما حدث قبل سنوات، حين أنيط النقل بالقناة المحلية في عهد المدير الراحل ابراهيم الخوري. عندها، دعا المعلق المصري مدحت شلبي إلى التعليق مباشرة على الهواء مع أطقم من الضيوف الرياضيين المختصين في كرة القدم.


سيشاهد اللبنانيون
لاعبي المنتخبات يتقاذفون الكرة بلا تعليق أو ملاحظة

لا شيء من ذلك حتى الآن. لم تجهّز العوالم اللازمة. سيشاهد اللبنانيون لاعبي المنتخبات يتقاذفون الكرة فقط بلا تعليق أو ملاحظة. أن يتحقّق الحلم، بالنقل فقط، يجاهر بالحياة المستحيلة في «تلفزيون لبنان». ثمة ملاحظة جوهرية هنا، تتعلّق بالإرسال المحلي والنقل المونديالي، ما دام نقل مباريات كأس العالم أرضياً، يقتضي ذلك التنسيق بين إرسالين مفترضين: الإرسال الأرضي والإرسال الفضائي. الأرجح أنّ أحداً لم يفكّر في ذلك. أحدث ذلك دربكة في كأس العالم السابقة، حين اضطرت إدارة التلفزيون إلى العمل على هواءين: الهواء الأرضي والهواء الفضائي، وخصوصاً متى تذكرنا بأن النقل جاء في أوقات متأخرة في حياة اللبنانيين، بسبب فارق التوقيت بين لبنان والبلد المضيف للمونديال. لا شيء سوى التمسك بتلابيب المونديال. الباقي على الله. كل ما يحدث، كلام عرفانيات في انتظار الموضوع الأساسي. ثمة الكثير من المواضيع الأخرى في الانتظار. إنها لعنة سيزيف. المونديال صخرته. تكرج على الأرض، يرفعها المدير، قبل أن تكرج مرة أخرى. هذا موجع، هذا مؤسف.