قبل أيام، انطلقت في الجزائر العاصمة فعاليات الدورة الثانية من «مهرجان السينما المغاربية» مع مشاركة 17 فيلماً طويلاً و11 قصيراً و10 وثائقيات من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا، تتنافس على جوائز المهرجان.الدورة الثانية شهدت عرض فيلم «فاطمة نسومر» لمخرجه مصطفى حجاج الذي يتطرق إلى أبرز وجوه المقاومة الشعبية في منطقة القبائل إبان المرحلة الأولى من الاحتلال الفرنسي للجزائر. يحاكي هذا الفيلم الروائي التاريخي، شخصية لالة فاطمة نسومر. بناؤه السردي يتخذ خطاً منعرجاً، ينتقل بين الرؤية الذاتية، والسرد الموضوعي للأحداث.

هكذا، يصوّر الشخصية الرئيسة التي جسدت دورها اللبنانية ليتيسيا عيدو التي تنفى من مسقط رأسها بعدما رفضت الزواج القصري، لتهتم لاحقاً بالسياسة.
في 96 دقيقة، حاول المخرج مصطفى حجاج تسليط الضوء على أحداث تاريخية مؤكدة امتدت من عام 1847 حتى 1857. كما استعان بالأساطير التي تروي قصتها ليرّكب على أساسها شخصية لالة فاطمة نسومر بشكلها النهائي. الفيلم الناطق بالأمازيغية يتطرق أيضاً إلى إحدى الشخصيات التاريخية للمقاومة الشعبية. إنّه الشريف بوبغلة الذي أدى دوره الممثل المغربي أسعد البواب. يظهر المخرج جوانب الإنسانية مثلاً في تفسير سلوك المقاومة لدى فاطمة نسومر، أو برفضها الزواج من رجل لا تحبه، أو كسرها لتابو حضور المرأة في مجالس الرجال. كذبك، تعلق بوبغلة «بقداسة وطهارة المرأة التي كانت حاميته بتبريكاتها»، بالإضافة إلى أحداث أخرى عرفتها المنطقة آنذاك. اعتمد حجاج على الراوي «آزار» الذي أدى دوره المغني علي عمران وقدم قصائد أمازيغية مميزة وصوراً عالية الجودة، جسدت مختلف المعارك التي دارت رحاها أثناء المقاومة الشعبية. وتخلّل الشريط أداء أغنيات عن المقاومة الشعبية، على إيقاع موسيقى وقعّها صافي بوتلة. وتميز الفيلم بالاستعانة بأزياء تلك الفترة، إذ احترم المخرج السياق الزماني (القرن 19)، كما أجاد الممثلان الرئيسيان في النطق باللغة الأمازيغية التي تعلماها لضروريات الفيلم ولأداء الحوار الذي كتبه محمد بن حمادوش.
وسيشهد المهرجان الذي يستمرّ حتى 11 من الشهر الحالي، عرض 19 فيلماً للمرة الأول، مع مشاركة أفلام «السطوح» لمرزاق علواش و«ثورة الزنج» لطارق تقية و«الدليل» لعمور حكار، بالإضافة إلى مشاركة أربعة أفلام تونسية، منها «شلاط تونس» لكوثر بن هنية (الأخبار 7/4/2014) الذي أثار جدالاً واسعاً في تونس. وستشارك المغرب في مسابقة الأفلام الطويلة بفيلم «فورمتاج» لمراد الخودي، و«هم الكلاب» لهشام العسري. الأفلام المشاركة اختيرت من بين 85 فيلماً مغاربياً تقدّمت للمشاركة في المهرجان. كذلك ستنظم ورش عمل في مجال كتابة السيناريو، ولقاءات فكرية حول واقع السينما المغربية على هامش فعاليات المهرجان الذي ستحتضنه قاعتا «الموڤار» و«سينماتك الجزائر» في العاصمة.