القاهرة | انتهى عام 2021، آبياً أن ننسى كورونا. قبل انتهائه بأسابيع، تحوّر الفيروس، لننتظر تجدّد الأزمة في 2022. ورغم التجاهل الذي أبداه صنّاع الفن في مصر للوباء بالاستمرار في إنتاج وعرض الأفلام والمسلسلات والأغاني، إلّا أنّ كوفيد أكّد أنه قادر على العصف بذاك التجاهل. هناك عادة مصرية، يمكن ملاحظتها بوضوح في المجال الفني، وهي التقليد والسير وراء الرائج. من هنا حالما انطلق عرض مسلسل «ما وراء الطبيعة» على «نتفليكس» مع نهاية 2020، ورغم أنّه لم يلقَ النجاح المتوقّع منه، قرّر العشرات من صنّاع الدراما أن يسيروا على النّهج نفسه واتّخاذ «باترون» (ما وراء الطبيعة)، ليفصلوا من «تركيبته» عدداً من مسلسلات الرعب. بدأ الأمر على استحياء مع رمضان الماضي بدخول مسلسلَي رعب وإثارة هما «كوفيد 25» الذي ينتمي للنوع الأول و«قصر النيل» الذي ينتمي للنوع الثاني. ورغم عدم نجاحهما أيضاً، لا فنّياً ولا جماهيريّاً، إلّا أنّ حمّى مسلسلات الرعب استمرت طوال 2021، بنهج يشبه «ما وراء الطبيعة». وأهم عامل من عوامل التّشابه، أن يكون المسلسل قصيراً لا تزيد عدد حلقاته عن الـ15، والأفضل أن يُعرض على منصّة حتى يؤكّد تميّزه قبل عرضه على القنوات المفتوحة.شهد 2021 سيلاً من مسلسلات وأفلام الرّعب، بدون مراعاة صنّاع هذه الأعمال الأسباب التي تجعل الجمهور المصري يعزف عن رؤيتها عندما تُصنع بيد مصرية، خاصة أنّ الجمهور معتاد على نوعيّات في غاية التميّز تصدرها كل عام أميركا وأوروبا وأخيراً كوريا الجنوبية. أهم عيوب أعمال الرّعب في مصر هو ضعف السيناريو، والأداء التمثيلي المفتعل وغير المتناغم غالباً بين الممثّلين والتقنيّات الضعيفة والسيّئة. مع ذلك، استمر صنّاع الدراما والسينما في اتّباع الموجة السائدة وخرج عدد كبير من الأفلام مع نهاية العام الماضي وبداية 2021 مثل «عمار، ريما»، «الحارث»، «خان تيولا»، «خط الدم»، «ماكو» وغيرها. وعلى منصّة «شاهد» خصوصاً، انطلق عرض مسلسلات «شقة ستة»، «قارئة الفنجان»، «ستات بيت المعادي»، «الزيارة»، و«خارج السيطرة».
من المتوقّع أن تستمرّ موضة مسلسلات الرعب والإثارة القصيرة


منذ سنوات، ظهرت في مصر نوعية جديدة من الأغاني، أُطلق عليها أغاني المهرجانات. فرضت تلك النوعية نفسها بقوة في نسبة المستمعين وانتشارها الذي امتد من المناطق الشعبية، وصولاً إلى قاعات الفنادق الكبرى حيث حفلات الصفوة، الذين يتراقصون عليها في المساء، ثم ينتقدونها في الصباح. ومنذ جلس هاني شاكر على مقعد نقابة الموسيقيّين، وهو المطرب الذي لم تصدر له أغنية ناجحة منذ أكثر من عشر سنوات، أعلن الحرب على مغنّي المهرجانات بقرار منعهم من الغناء، يساعده عدد من البرلمانيّين يسعون لإصدار تشريع يعطي النقابات الفنية حق «الضبطية القضائية»، ما يعني تحوّل النقابة إلى ضابط شرطة يطارد المخالفين. اشتعلت الحرب بين أنصار شاكر ومغنّي المهرجانات وأنصارهم طوال العام الماضي. من ناحية، يصرخ هاني في مختلف الوسائل الإعلامية، مؤكّداً بأن هذه الأغاني تحمل اسفافاً وتضر بالذوق العام، ومن ناحية ثانية يطلق مغنّو المهرجانات أغنياتهم على اليوتيوب لتحقق أعلى نسب مشاهدة واستماع. وبينما وقّع شاكر على قرار منع إقامتهم لحفلات داخل مصر، فتح موسم الرياض في السعودية ذراعيه لهؤلاء المغنّين وأقام لهم حفلتَين بدلاً من واحدة، بعد نفاد تذاكر حفلتهم في أقل من ساعتين. ولا تزال الأزمة مستمرة، والوضع على ما هو عليه، وليس منتظراً أن تهدأ المعركة في 2022. شاكر يمنع ويشجب ويدين ويسعى مثل الاله اليوناني كرونوس الأب الذي يلتهم أبناءه، إلى ابتلاع مغنّي المهرجانات الذين يتصدّرون ويتربحون ويتربعون على عروش التريندات والحفلات واليوتيوب.
ربما لم يشهد عام في تاريخ مصر، وفاة هذا العدد الهائل من الفنّانين الذين رحلوا عن عالمنا في 2021، متأثّرين بإصابتهم بكورونا أو بغيرها، وبعضهم كانت أرواحهم أرق من أن تحتمل ضغوط وكآبة 2021. بدأ العام برحيل كاتب السيناريو الكبير وحيد حامد في ثاني أيام 2021. وخلال كانون الثاني (يناير) أيضاً، رحل الممثّل هادي الجيار متأثراً بإصابته بكورونا، الذي قضى أيضاً على حياة عدد آخر من الفنانين، منهم: يوسف شعبان، الموسيقار جمال سلامة، الممثلون أحلام الجريتلي، محمد ريحان، نادية العراقية وأحمد خليل. وجاءت الفاجعة الأكبر برحيل اثنين من ألمع الفنانين وأكثرهم قرباً لقلوب الجمهور، وهما الثنائي سمير غانم ودلال عبدالعزيز التي رحلت بعد 80 يوماً من رحيل رفيق عمرها. وبغير الكورونا، رحل اثنان من كبار فناني مصر هما عزت العلايلي وسهير البابلي. كما شهد 2021، رحيل المطرب علي حميدة والمايسترو خالد فؤاد.