من بين الأفلام المثيرة للجدل بمقاربتها للجسد، يأتي «إيفا» (8/6 ــ الصورة) لمونيا عقل. المخرجة اللبنانية التي كتبت وأخرجت ويب دراما «بيروت أحبك» و«فساتين»، تقوم هنا بعرض تجهيزي تجريبي، فتقف مع سبع نساء عاريات وجامدات في الغرفة وقد غلّفن أجزاء من أجسادهن بورق السيلوفان.
هن ممنوعات من القيام بأي حركة لثماني ساعات، حتى من النظر مباشرة إلى الجمهور الذي يأتي للمشاهدة. ينبّه الحراس كل من يدخل الصالة إلى الامتناع عن لمس الفتيات، لكن هذا لم يمنع أحد الشبان من الاقتراب من إيفا والتحرش بها لفظياً عبر حديث جنسي لا يخلو من السادية. يستمتع الشاب بالاقتراب منها، ولمسها ببطء بينما تبقى جامدة رغم كل ما يفعله، إلى أن يأتي رجل الأمن. عندما ينتهي العرض، تغادر إيفا باكية وهي تمشي على الطريق. المفارقة البديهية هي: إذا كنا نرى الرجل وهو يتحرش بإيفا وتصوّر الكاميرا هذا المشهد عمداً، فإن المخرجة أو المصور بالتالي على علم بهذا التحرش.
لكن التصوير جارٍ لإثبات حجة الفيلم. هذا ما يودي بنا إلى مفهوم عجيب يتلخّص في الدفاع عن حقوق المرأة وجسدها عبر السماح للتحرش بالحدوث كي يتم توثيقه وإثبات الحجة الأصلية، تماماً كمن يفتعل المأساة لإثباتها. من ناحية أخرى، نتساءل عما تجسده صور أجساد النساء المغلفة بورق السيلوفان بهذه الطريقة؟ أليس في ذلك نوع من السادية في التعامل مع الجسد تتماهى مع سادية المتحرش؟ لا يعني ذلك أنّ كيفية تعامل المرأة مع جسدها تبرّر الإهانة أو التحرش، فهي حرة بجسدها بينما هو ملزم باحترام هذا الحق. لكن لنا أن نتساءل أيضاً عن الغرابة المقلقة التي تمثلها هذه الظواهر في ما يخص علاقة المرأة مع جسدها التي تعكس اضطراباً سلوكياً يشبه حالة من يؤذي نفسه جسدياً عمداً للتعبير عن ألمه الداخلي، فيصبح ضحية نفسه أو جلادها.
الفيلم يذكّر بالحادثة التي جرت في «ماراتون بيروت للسيدات» الذي أقيم في بيروت قبل شهر. حينها، شوهد رجل يعنف حبيبته على الملأ بينما وقف الكل يتفرج أو يصوّره وانتشر الشريط على وسائل التواصل، قبل أن يتّضح أنه عرض يهدف إلى لفت الانتباه إلى قضية العنف الأسري. ربما كان من شأن الفيلم إثبات موقف المجتمع السلبي عبر رفضه التدخل، لكن هل اختلاق الحادثة التي تعاطف معها الجمهور ثم الإعلان أنها خدعة، من شأنه تعزيز صدقية هذه القضية؟ شريط «أمل» (7/6) لرشا التقي، يتناول قضية المرأة أيضاً، ولو أنّه لا يقل تطرفاً عن الأول باستعادته صور الكليشيه المستهلكة. يروي قصّة أمل المراهقة التي تتزوج باكراً وتسرق منها طفولتها. الفكرة ليست مستهلكة ولا اللغة السينمائية التي تتميز بإيقاعها الموسيقي، بل الرموز التي تستخدمها المخرجة لطرحها. تبدأ هذه من جدائل أمل الشقراء التي تفكّها أمها، والدبدوب الذي تحضنه في فراشها، وصولاً إلى العناق الحزين والبكاء بين الأم وابنتها.