1كم يناسبني أن أقول السلام على سيدي الشيخ/ حادي الكلام الجميل
وخياله في البراري البعيدة
كلما شقَّ سنّ الصباح الظلام
كلما شقشق الطير أو شقّ رعد الجبال الينابيع
أرى سيّدي شقَّ ستر الظلام
ومشى...
ولا تسألوني إلى أين...
فهو في التيه يمشي
وتتبعه في المنافي خطاه
مراياه أحواله سرّه ستره وانكشاف الذي لا نراه.
إلى أين يا سيّدي تقود جوادك هذا الجميل
وتقذفه في منافي العبارة...
فاسترح سيّدي. إنَّ هذا الصدى لا يجيب
وأطلق سراح جوادك هذا الجواد الغريب
كأن لم يكن في البراري أحد
كأن لم يكن سامر أو حبيب
وما مرَّ يا صاحبي على النبع من طفلة أو غزال
لم يكن غير هذا الجمال الذي رفَّ يوماً على الغمر ثم ابتعد

2
كان الصديق الجليل الراحل الشيخ فضل مخدّر أشبه ما يكون بأبطاله في روايته الأخيرة «المنذور» التي تدور حول مروية شعبيّة في قرية «الشرقية» الجنوبيّة حول مقام النبي «جليل»، والنبي اصطلاح شعبي كان يطلقه الناس على بعض الأولياء في قرى الجنوب.. لقد عقد صلة بين العشق والحبيب والتراب.. والشيخ في الرواية مثله مثل «المنذور» كان جسده منغرساً بين الناس والقرى، وقلبه متعلّقاً بالنجوم.. يقول: «أنا أحاكي تلك النقاط المضيئة في السماء وتحاكيني. وأرى فيها روح أبي وروح أمي وروح جدّي. فكيف لا أرى فيها روح يمامتي». وعاش «المنذور» في عرزال في حقل من القصب قريب من الأرض ومن السماء في وقت واحد... يقول الشيخ إنَّ الله يحضر حيث يحضر الإنسان.. عاش الشيخ فضل قريباً من تراب القرى الجنوبيّة والناس وبعيداً في العشق والجهاد والخيال والصلاة والكدح والتأمل.. وأخيراً حين مات ودفن في قريته الجنوبية «البابلية».. لم يتغيّر شيء في الواقع أو في الأسطورة: الجسد عاد إلى أصله في التراب والروح حلقت نحو بارئها... هناك. رحم الله صديقي الشيخ الرائع الراحل.. وأدخله جنان الخلد والطمأنينة الأبدية في جوار النبيّين والصدّيقين والأنقياء.
* شاعر وناقد وأكاديمي لبناني