على الرغم من كلّ ما أصابنا وما نعيشه وما قد يصيبنا وما قد نعيشه، ينطلق اليوم مهرجان «بيروت ترنّم»، كالعادة منذ أربع عشرة دورة. إنّه الإصرار، بالتأكيد. لكنه أيضاً الحظ. منذ عام 2005، لا تخلو إقامة حدث سنوي من وطأة الحظ، الذي يلعب إيجاباً، تارةً هنا وطوراً هناك، أو يلعب سلباً. لكن لا شك في أن السنتَين الأخيرتَين كانتا، بالنسبة إلى المهرجانات السنوية، أقرب إلى السير في حقل ألغام، أو ربما إلى لعبة روليت، روسية أحياناً، أو حتى إلى المشاركة القسرية في Squid Game. من هذا المنطلَق، يمكن اعتبار «بيروت ترنّم» اللاعب الرقم 456 في مسلسل «لعبة الحبّار» الكوري الشهير، مع فارق أن عدد الألعاب في لبنان غير محصور بستة. فقد اجتاز الحدث الموسيقي الشتوي «المراحل» بنجاح لغاية الآن، في حين لم يوفّر الإلغاء الكلي أو الجزئي أي حدث آخر من الفئة ذاتها: مهرجانات الصيف السياحية، «مهرجان البستان»، «موسيقات بعبدات» (عادت الظروف وسمحت بإقامته أخيراً)… لمحة سريعة على الأحداث وعلاقتها بالمهرجانات، تبيّن كم كان «بيروت ترنّم» محظوظاً في لعبة الصمود المستحيل في لبنان:عندما اندلعت انتفاضة تشرين الأول (2019)، غطّت هالتها الضخمة على كل المشاريع والأنشطة، العامة والخاصة، الموضوعة على الروزنامة في لبنان. في الفترة ذاتها، بدأت روائح المصارف الكريهة (أي المصارف) تفوح وما عاد بالإمكان إخفاؤها. في الفترة ذاتها، كان ثمّة طبيب صيني قد لاحظ عوارض غريبة على أحد مرضاه في ووهان. كل ذلك و«بيروت ترنّم» يتحضّر للانطلاق. فماذا حدث؟ الانتفاضة هدأت. الفيروس بعيد جداً، ولن يصل قبل نهاية شباط (فبراير) 2020. أما الانهيار الاقتصادي، فجرى تأخيره بخزعبلات أسطورية من ابتكار أسطورة البنك المركزي. هكذا جرت فعّاليات «بيروت ترنّم» بسلاسة، باستثناء تسجيل حادثة طرد فؤاد السنيورة من حفلة غي مانوكيان في 15 كانون الأول (بينما يكمُن القصاص الحقيقي في عدم طرده من هكذا أمسية!). مضت الأسابيع. حلّ عام 2020، عام بيتهوفن عالمياً، فخصّص له «البستان» دورته التي انطلقت أواسط شباط، لكنّ الفيروس كان قد جهّز نفسه لمرافقة العائدين إلى الوطن، من إيران أو من إيطاليا (كلٌّ بحسب أهوائه السياسية، المريضة في الحالتَين)، فتوقّف «البستان» في عزّ دورته المهيبة. الوضع لم يكن سيئاً، في حين كانت المشكلة أننا لم نكن نعرف شيئاً بعد عن هذا الفيروس الجديد. لم نكن نعرف كيف يتصرّف، لنعرف، نحن، كيف نتصرّف. لكن عندما بدأنا نعرف، كان الوضع قد أصبح أسوأ من أن تسعفنا معرفتنا. طارت مهرجانات الصيف التي ترتكز بشكل أساسي إلى فنّانين سيأتون من بلدان منكوبة بالوباء، ومغلقة بإحكام. على مشارف الخريف كنّا والعالم في وضع مقبول. فالتدابير أتت بنتيجة والعالم بدأ يتنفّس وساعد الصيف في تحجيمٍ نسبي للفيروس، لكنّ الدولارات بدأت تشحّ بسرعة، وكان لا بدّ من تعليق بعض قرارات الإقفال، تعويلاً على جيوب زوّارنا من أهلنا المغتربين في فترة الأعياد. هذا أيضاً ما سيستفيد منه «بيروت ترنّم» لتمرير الدورة بالتي هي أحسن، وبتسجيل حادثة اعتراض سلمية وهادئة على رعاية السيد SGBL (متنكراً تحت اسم أنطون الصحناوي) لأمسية عبد الرحمن الباشا الافتتاحية… وبعد الأعياد، حلّ الخراب، قاطعاً أي أمل بقيام دورة ولو شكلية في «البستان». عدنا إلى الحجر، ثم وصلت اللقاحات لتحسّن الوضع قليلاً، قبل أن تنفجر المحروقات، مرّة شحّاً ومرّة أسعاراً، فتعكّر الصيف الذي بتنا لا نسأل أصلاً عن مهرجاناته غير القابلة للعودة بصرف النظر عن كورونا.
يقوم البرنامج بشكل أساسي على الأمسيات الإنشادية الدينية والترانيم الغربية والشرقية والغناء الأوبرالي


الآن، يمكن القول إننا في وضع «ممتاز»، بفعل العادة، مع الأسف: اعتدنا الغلاء، اعتدنا الكمّامة، اعتدنا التقنين في التيار الكهربائي… اعتدنا دولتنا. هكذا، أقيم «موسيقات بعبدات» خلال الأسابيع الماضية، ولو بدورة متواضعة. هكذا، يقام «بيروت ترنّم» بدورة متراجعة في مستواها، لكن مقبولة نسبةً إلى بلايانا الكثيرة. هكذا، سيقام «البستان» بعد أسابيع قليلة، حسب ما أفادنا المنظّمون، لكن أيضاً ببرنامج مختصر.
«بيروت ترنّم» هذه السنة كان يُفترض أن يكون بمستوى أفضل. فقد علمنا بأن الافتتاح كان يجب أن يحمل توقيع عازفة البيانو الإيطالية الصاعدة كالشهب، بياتريتشه رانا (إصدارها الأخير كان الحدث الأبرز هذه السنة، وكذلك كان إصدارها السابق السنة الماضية)، كما كان مقرراً أن يشارك في الدورة زميلها الفرنسي برتران شامايو. لكن، مع الأسف ألغى كلاهما مشاركته. مع ذلك بقيت أمسية بذات الأهمية سيحييها الحائز المرتبة الأولى في «مسابقة الملكة إليزابيت» هذه السنة، عازف البيانو الفرنسي الشاب جوناتان فورنيل. كذلك، من أبرز الأمسيات، التي كان يجب أن تفتتح الدورة، تلك التي نسمع فيها «القدّاس الكبير»، التحفة الإنشادية التي تركها موزار غير مكتملة، إذ شكّل هذا النوع من الأعمال علامة فارقة في افتتاح العديد من دورات المهرجان السابقة. أما عموماً، فالمهرجان ذو التوجّه الغربي/ الشرقي الإنشادي في الدرجة الأولى، بما أنّه يقام في مناسبة الأعياد المقبلة، يقوم برنامجه بشكل أساسي على الأمسيات الإنشادية الدينية والترانيم الغربية والشرقية والغناء الأوبرالي الغربي، ويحييها مغنّون منفردون أو جوقات أو مزيج من الاثنين، في حين يتألّف الجزء الآخر منه (ربع الأمسيات تقريباً) من مواعيد موسيقية آلاتية معظمها كلاسيكية غربية، حصّة الأسد فيها لفئة موسيقى الحُجرَة (عزف منفرد أو ثنائيات أو مجموعات صغيرة)، بالإضافة إلى موعد جاز مع أرتور ساتيان وفرقته الثلاثية (5/12). أما الموسيقى الأوركسترالية، فمحصورة بأمسية واحدة هجينة، نسمع خلالها السمفونية الثانية لبيتهوفن وبعض الغناء الأوبرالي بمرافقة الأوركسترا (10/12).
في ما يلي، نختار من الـ «بروشور» الخاص بهذه الدورة باقة من الأمسيات، على قاعدة الأهمّية والتنوّع. وبالحديث عن الـ«بروشور»، وكما في جميع الـ«بروشورات» الخاصة بالمهرجانات الموسيقية أو غيرها من الأحداث، تُحجَز الصفحة الأخيرة لثلّة من لوغوهات الرعاة والداعمين، تزيّنهم تلك العائدة للمصارف. «بروشور» المهرجان البيروتي هذه السنة خال تماماً من اللصوص… لكنّهم هنا، حاضرون أبداً، مع لصوص من نوع آخر: اُنظر إلى الصف الأوّل، حيث الكتف على الكتف بين الكرافاتات الأنيقة والصلبان المذهّبة. اُنظر جيداً، وتخيَّل. فالقانون لا يحاسِب على قطع الرؤوس بالخيال.

مهرجان «بيروت ترنّم»: بدءاً من اليوم لغاية 23 كانون الأول (ديسمبر) ــ كنائس بيروت و«أسمبلي هول» وأسواق بيروت ــــــ beirutchants.com  

الافتتاح الليلة
كنيسة القدّيس يوسف ــ مونو



الليلة تُفتَتَح الدورة الـ14 من «بيروت ترنّم» بأمسية أغنيات ومقتطفات أوبرالية إيطالية (دونيزيتّي، فيردي، بوتشيني، توستي،…) يؤدّيها التينور الإيطالي جيورجيو بيروجي ويرافقه مواطنه عازف البيانو فابيو تشينتَنّي الذي ينفرد بمحطّات يؤدي خلالها أحد فالسات فريدريك شوبان وعملٌ لفرانز لِيسْت مبنيّ على أوبرا ريغوليتّو لفيردي، وهو واحد من عشرات الإعدادات (من أشكال موسيقية أخرى، للبيانو) التي قام بها المؤلف المجري لأعمال غيره من المؤلفين الذين سبقوه كما الذين عاصروه.

عبير نعمة (2/12)
أسواق بيروت



تلي الافتتاح إطلالة معتادة للفنانة عبير نعمة في الجانب الإنشادي الشرقي والغربي من المهرجان. تؤدي المغنية الأنيقة باقة من العناوين الخاصة بالأعياد، من ترانيم وأناشيد ميلادية وأغنيات من الريبرتوارَين المحلّي والعالمي، مثل «تلج تلج» (للأخوين رحباني)، «ضوّي بليالي سعيدة» (كلمات الأخوين رحباني، واللحن من التراث الفرنسي ولا علاقة لباخ به كما ورد في البرنامج)، و«هللويا» (أغنية ليونارد كوهين الشهيرة) وتراتيل لبنانية حديثة وأخرى تقليدية عالمية أو كلاسيكية غربية.

أوبرا مع جاك سوانسون (4/12)
أسمبلي هول ـ AUB



في الرابع من الجاري، يطلّ التينور الأميركي الشاب جاك سوانسون في برنامج منوّع من المقتطفات الأوبرالية مع مرافقة أوركسترالية بقيادة الأب توفيق معتوق على رأس «الأوركسترا الوطنية الفلهارمونية». يؤدي سوانسون بالألمانية والإيطالية والفرنسية عناوين شهيرة مأخوذة من الريبرتوار الأوبرالي، لكبار المؤلفين، على رأسهم موزار، بالإضافة إلى دونيزيتّي وبيزيه وروسّيني وغيرهم. لكنّ الأمسية تنطلق بالافتتاحية المذهلة لأوبرا «زواج فيغارو» الثورية لموزار. كذلك، يُستهل القسم الثاني من البرنامج بافتتاحية أوبرا «حلاّق إشبيلية» لروسّيني. علماً أن كِلا العملَين جزءٌ من ثلاثية للأديب الفرنسي بومارشيه… وفي هذه الأمسية، نسمع للمرّة الثانية بعد الافتتاح Una Furtiva Lagrima (من أوبرا «إكسير الحب» لدونيزيتّي)… لِمَ لا؟!

النغم الأرمني (6/12)
كاتدرائية بيروت الأرمنية الكاثوليكية



تحت عنوان Armenia Chords، تشارك في المهرجان جوقة Kousan الأرمنية اللبنانية التي يعود تأسيسها إلى مطلع القرن الماضي على يدّ المؤلف الأرمني الكبير كوميداس، وقد استمر إرثه في المناطق التي هاجر إليها الأرمن إبان المجازر التركية، ومنها لبنان. كريكور ألوزيان يقود هذه المجموعة التي تتألف من حوالى خمسين منشداً ومنشدة (بالإضافة إلى غناء منفرد للسوبرانو شوغيك طوروسيان) وعازف الفلوت (والدودوك) كيفورك كيشيشيان وعازف البيانو أرين دونيريان. في البرنامج مجموعة كبيرة من العناوين التراثية الأرمنية والكلاسيكيات العالمية بالإضافة إلى أخرى لمؤلفين أرمن وبعض المقتطفات من الريبرتوار الكلاسيكي الغربي (هاندل، ستراديلا…).

موسيقى حُجرة (8 و9/12)


على مدى ليلتَين متتاليتَين، يقدّم المهرجان لمحبّي موسيقى الحجرة أمسيتَين من الفئة ذاتها، لكنّهما مختلفتَان في المضمون. الأولى (8/12) تحييها في «كنيسة القديس يوسف» (مونو) عازفة التشيلّو الإسبانية بياتريث بلانكو وزميلها في التسجيلات القليلة التي أنجزتها لغاية الآن، الإيطالي فيديريكو بوسكو (الصورة). البرنامج شديد الدسامة مع السوناتة الثالثة لبيتهوفن والسوناتة الوحيدة لسيزار فرانك، بالإضافة إلى مقطوعات للتشيلّو والبيانو للمعلّمة الفرنسية ناديا بولانجيه والنمساوي المغدور أنطون فيبرن.
في اليوم التالي، أمسية مشابهة في الشكل تقام في «كنيسة مار مارون» (الجميزة)، تجمع التشيلّو والهاربسيكورد، لكن في برنامج من عصر الباروك. الأمسية تحمل عنوان «تيليمان والإيطاليون»، والمقصود المؤلف الألماني الشهير من عصر الباروك ومعاصروه الإيطاليّون، إذ تؤدي اللبنانية جنى سمعان (تشيلّو) والألمانية آنّا شول (هاربسيكورد) سبع سوناتات للتشيلّو مع مرافقة (أو ما يُعرف بالـbasse continue) لتيليمان وفيفالدي وجيمينياني وبلاتّي وغيرهم.

غادة شبَير (14/12)
كنيسة مار الياس ـ القنطاري



«اللهُ مَعَنا» هو عنوان الريسيتال الميلادي للفنانة الأصيلة غادة شبَير، وهي غنيّة عن التعريف في هذا المجال الذي لها فيه أبحاث علمية موسيقية وتسجيلات وسنوات من الأداء الحيّ. شبَير تُتقن حرفة الغناء التقليدي الشرقي من الموشّحات إلى إرث عصر النهضة العربية، بالإضافة إلى إنشاد الريبرتوار الكبير من الترانيم السريانية العتيقة التي تقدّمها بشكلها المعتَّق الجميل. في هذه الأمسية، يرافقها إيلي حردان (بيانو) وعفيف مرهج (عود) وناجي عازار (كمان) وماريا مخّول (قانون) ومارون أبو سمرا (دفّ وإيقاعات).

القدّاس الكبير (17/12)
كنيسة القدّيس يوسف ــ مونو



«القدّاس الكبير» هذا، كبير بموسيقاه، أولاً وأخيراً، وهكذا يجب مقاربته. إنه «كبير» رغم أنه غير مكتمِل، فقد أوقف موزار تأليفه قبل الانتهاء من وضْع موسيقى لجميع مقاطعه كما هي تركيبة القدّاس الكاثوليكي. في ريبرتوار موزار الإنشادي الديني، يوازي هذا العمل «القدّاس الجنائزي» الشهير، لا بل يتخطاه أحياناً. في «بيروت ترنّم» نسمعه بقيادة الأب توفيق معتوق على رأس «الأوركسترا الوطنية» وجوقتَي «جامعة سيدة اللويزة» و«الجامعة الأنطونية» والمنشدين المنفردين.

تنويعات غولدبرغ (13/12)
«كنيسة مار مارون» (الجميزة)



إنها قمّة الدورة في «بيروت ترنّم». إنها قمّة لناحية العمل الوحيد الذي نسمعه في هذه الأمسية. أما لناحية التركيبة والأداء، فالمستوى يُحدَّد بعد السمع. في برنامج هذا الموعد المميَّز دُرّة من تاج الموسيقى الكلاسيكية الغربية، والتوقيع طبعاً لباخ. إنها «تنويعات غولدبرغ» التي كتبها دماغ المؤلف الألماني على شكل لحن/ تحفة أساسي يعاد بعد ثلاثين تحفة منبثقة منه (ولكن بأسلوب لا علاقة له بالتنويع كما هو متعارف عليه بالموسيقى). هذا اللحن هو كالتراب، وإليه نعود بعد ثلاثين محطة من حياتنا في هذا الوجود. باخ كتب العمل للهاربسيكورد، ويؤدّى غالباً على البيانو الحديث (ونادراً على الأرغن)، لكن حصل أن أعدّته فرق (بتركيبات مختلفة) بشكل لا بأس فيه. في هذه الأمسية، نسمع نسخة لتريو وتريات (فيولون، ألتو وتشيلّو) وهو توليف غير جديد في الريبرتوار، يؤديه ثلاثة موسيقيين من إيطاليا… نتوَسَّل إليكم مكاناً في الأمسية، ولو على الأرض!

فرح الديباني (15/12)
أسواق بيروت



شهد عالم الأوبرا صعود مغنّيتين من أصول مصرية في السنوات الأخيرة، مثل فاطمة سعيد التي باتت من نجمات الناشر الشهير «وورنر» من خلال إصدارها (بعنوان «النور») الذي لاقى أصداءً إيجابية أخيراً. من الطينة نفسها، تأتي فرح الديباني، ابنة الإسكندرية المقيمة في فرنسا (وهي عضو في فرقة أوبرا باريس) التي تشارك في «بيروت ترنّم» من خلال أمسية بعنوان «كبيرات الغناء على المتوسّط» والمقصود بالتأكيد فيروز (لبنان) وأسمهان (سوريا) وداليدا (مصر)، إذ سبق أن شاركت في أحد معارض «معهد العالم العربي» في باريس عبر أداء أغنيات للمغنيات الثلاث. لكن، على الأرجح سيتضمّن البرنامج أسماء أخريات من كبيرات الغناء الآتيات من البلدان المحيطة بالمتوسّط، ويرافقها مينا نبيل حنّا على البيانو.

فورنيل… نجم البيانو الصاعد (21/12)
أسمبلي هول



تُعَدّ دعوة عازف البيانو الفرنسي جوناتان فورنيل إنجازاً للمهرجان. فمن طرازه الرفيع هناك المئات حول العالم، لكن دائماً ما يصبح من يفوز بمسابقة مرموقة مشغولاً فوق العادة بين ليلة وضحاها. فالشاب الواعد الذي حلّ أولاً عن فئته في «مسابقة الملكة إليزابيت» هذه السنة، بات اسمه على كل لسان في الوسط الموسيقي، عدا أن إصداره الأول نال إعجاب النقّاد في أوروبا، إذ تمنحه، مثلاً، مجلّة «ديابازون» الفرنسية جائزة Diapason découverte (وهو يوازي الـ «ديابازون الذهبي» مع نفحة تشجيعية) في عددها للشهر الجاري. في برنامج فورنيل عملٌ من باكورته المخصّصة ليوهانّس برامز، إذ يؤدي السوناتة الثالثة للباء الألماني الثالث، ويضيف عملاً من عند الباء الألماني الأول (باخ) وآخر لشوبان في أمسية مختصرة بعض الشيء (حوالى 60 دقيقة).