سمعنا عن فيلم مارڤل الجديد ومخرجته كلوي جاو («أرض الرحَّل» 2020) التي قدمت للتوّ إلى عوالم مارڤل. قبل خروج الفيلم إلى الصالات، خرجت لتكلّم الصحافة والمنتجين عن الفيلم أكثر مما يتكلم الفيلم عن نفسه. «خالدون» فيلم لا يحتاج إلى الكثير من الادّعاءات والثناء والنقاشات. قصته بسيطة على الرغم من أنه يستغرق أكثر من ساعتين ونصف ساعة لروايتها، ما يكشف مشكلة الفيلم الأولى: السيناريو والإخراج. يعيش «الخالدون» بيننا على الأرض منذ 7000 عام، مَهمتهم حماية البشر من هجوم «المنحرفين» (الوحوش المفترسة النهمة).
من فيلم «Eternals»

بأمر من السماويين الذين يحكمون الأكوان، لا يمكن للخالدين التدخل في صراعات البشر الكبرى ومجرى التاريخ والفظائع الكبرى التي يرتكبها البشر مثل تدمير إسبانيا لإمبرطورية الأزتيك وقنبلة هيروشيما وناكازاكي. على الرغم من أنهم يعيشون بسلام بيننا منذ أن انتهوا من الحرب مع آخر المنحرفين عام 1500، إلا أن الوحوش ستظهر مرة أخرى على كوكبنا، فيجتمع الخالدون مجدّداً لحماية الأرض. يطرح الفيلم الكثير من الأسئلة الوجودية والفلسفية بطريقة حميمية وعاطفية. في مكان ما نسأل أنفسنا: هل نحن نشاهد فيلم «مارڤل»؟ لا يمكن للمشاهد ولا حتى أبطال الفيلم الاستعداد لما ينتظرهم، لأننا جميعاً غير مدركين حقيقة ما يحدث. نحن كمشاهدين لا نعرف ما يحدث أمامنا لكثرة الأحداث والشخصيات والسفر ذهاباً وإياباً بالزمن، إلى درجة أنّه في بعض الأحيان نرى تأثير شيء ما قبل حدوثه أمامنا. أما الشخصيات، فإنها في ضياع لأنها غير مدركة المعنى الحقيقي لوجودها على الأرض. يقدم الفيلم الكثير من شخصيات «مارڤل» الجديدة: ستارفوكس (هاري ستايلز)، ثينا (أنجلينا جولي)، بلاك نايت (كيت هارنيغتون)، سيرسي (غيما شان)، إيكاريس (ريتشارد ميدان) وأجاك (سلمى حايك). حاولت المخرجة وصفهم كلهم وإعطاء خلفيات وقصص مختلفة لجميعهم، وعرّفتنا إليهم بشكل مستقلّ. وحين جاء الوقت ليكونوا معاً، لم نشعر أبداً بأنهم فريق عمل كامل أو مجموعة أبطال متفقين. سنكون أكثر تساهلاً مع التناقضات التاريخية التي عاشتها كل شخصية على حدة، ولكنّ «خالدون» فيلم جماعي. ونظراً إلى الاختلافات الكبيرة بين الشخصيات والاحتكاكات الناتجة عنها، من الصعب التخيّل والإحساس بأنّ هؤلاء الحراس كانوا قادرين على العمل معاً لآلاف السنين.
«نحن بحاجة إلى أكشن!» هذا ما قاله كارون (كاريش باتيل) إلى كينغو (كوميل نانجياني). وطوال الفيلم نحن نقول الشيء نفسه! بالطبع هناك العديد من مشاهد الحركة المذهلة، ولكنّ الجزء الأكبر من الفيلم هو محاولة الخالدين اكتشاف سبب وجودهم على الأرض وما الذي يربطهم بالبشر الذين عملوا من أجلهم كحرّاس على مرّ القرون. هذه التساؤلات الوجودية حوّلت الفيلم إلى شريط فلسفة. نحن نذهب لمشاهدة فيلم «مارڤل» من أجل الأكشن والأحداث المضحكة وغير المنطقية والأبطال الخارقين المحبوبين، لا لنغوص في فلسفة الحياة والموت. حاولت كلوي جاو أن تضع لغتها السينمائية على أفلام «مارڤل»، ولكن من المستحيل أن ينجح هذا. لا نحتاج إلى 30 دقيقة من الحوارات الفلسفية في «مارڤل». نريد الانفجارات والرصاص والحركات البهلوانية بينما نأكل الفوشار ونشرب ونضحك. الفيلم الذي مُنع في دول عربية عدة، ونرى فيه للحظات قصيرة زين الرافعي (بطل فيلم «كفرناحوم)، يقدم سياسة هوليوود الجديدة للتسامح وقبول الآخر وما إلى ذلك. للمرة الأولى في تاريخ عالم «مارڤل»، نصادف شخصيات غير محدّدة الجنس وgender-Fluid، كما للمرة الأولى نشاهد مشهد تقبيل بين زوجين مثليين.
الفيلم مضيعة للوقت، لم يكن بحاجة إلى الكثير ليكون ناجحاً جداً، يشبه أفلام «مارڤل». كل ما كان يحتاج إليه هو التخلّي عن الكثير من المشاهد، وبالطبع تغيير المخرجة والمزيد من الأكشن والضحك. وعلى الرغم من أنّ صنّاع الفيلم وعدونا بتكملة في المشهدين الأخيرين، إلا أننا نشعر بأننا لسنا بحاجة إليها أبداً.

Eternals في الصالات