بحنيّة وخفّة، يتسلّل فيلم «فوتوكوبي» (2017) للمخرج المصري تامر عشري بين مشاعرنا. يخبرنا قصة حبّ حميميّة ودافئة، تتخلّلها خيبات أمل وطموحات. شخصيات الفيلم تسير في الحياة بطريقة روتينيّة. الأحداث تأتي من دون تخطيط مسبق، فلا يسعها سوى مواكبة الحاضر وانتظار ما سيحمل لها المستقبل المجهول.

إلا أنّ هذه القاعدة تُكسر، عندما يقرّر هؤلاء السير خلف مشاعرهم الجميلة التي قد تحملهم إلى مكان ممتلئ بالسعادة. شخصيات الفيلم الأساسية كبيرة في السن، تحمل همّ العمر. وبالرغم من كل قيود الشيخوخة ومشاكل هذه المرحلة في مصر والبلاد العربية، إلا أنّه يحق لهم العيش كما يريدون، لا مجرد البقاء على قيد الحياة في انتظار النهاية القادمة. «فوتوكوبي» فيلم يثير قوة الإيمان بالأمل ويُعيد إرادة الحياة. حياة محمود (محمود حميدة) راكدة. متقاعد، يُعرف بـ «محمود فوتوكوبي» لامتلاكه محل تصوير مستندات. يعيش حياة روتينية تدور حول محل التصوير، ومعاشه التقاعدي المتأخّر دائماً، وجيرانه وزبائنه الذين يحبونه. لا شيء يعكّر هذه الصورة الجميلة سوى حسني (بيومي فؤاد) الذي لا يتعاطف مع مشاكل محمود المادية، ويضايقه باستمرار بشأن إيجاره المتأخر. يصارع محمود المشاعر المتنامية تجاه جارته الأرملة صفية (شيرين رضا) التي تعاني بدورها من الوحدة. تقبل عرضه للخروج سوياً وتبدأ علاقتهما الرومانسية التي ستصطدم بالكثير من العقبات، مثل علاقة صفية بجسدها وأنوثتها بسبب مرضها، وعلاقتها بابنها وزوجها المتوفي. شيئاً فشيئاً، تتحول الأمور بخفّة ويتغير كل شيء: محمود بوضعه المالي والنفسي الذي يجعله عاجزاً عن رؤية أي مستقبل لنفسه بعد خمس سنوات. لا أفق ولا أمل، باختصار إنه ينهار. وصفية بحالتها الصحية واضطرارها لإزالة ثديها. ولكن معاً ينبضان بالحياة، ويتوقفان عن الاهتمام بما يعتقده الآخرون، ويستمتعان بالسنوات القادمة. بكوميديا خفيفة وإيقاع بسيط، يشعل الفيلم شرارة داخلنا، بفضل الشخصيات والحياة اليومية التي تعيشها. محمود يتمتع بروح ساحرة، يخاف الانقراض مثل الديناصورات وفي الوقت عينه يتحول إلى مراهق بسبب الحب، مما يعطي معنى لحياته. وفي الوقت نفسه، صفية تحلم بالرقص واستعادة جسدها، تستسلم للمشاعر الجديدة التي تجتاحها. ليس الفيلم بالمعقّد، بل إنّ جماليته تكمن في بساطته. «فوتوكوبي» لا يقدم شيئاً غير مألوف، ولا يشغل ذهنك بحبكة غامضة. كل الحكاية رحلة ممتعة، قريبة إلى القلب وشخصان يسعيان للحصول على السعادة والحب.

«فوتوكوبي» (2017)
على نتفليكس