في ظلّ الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، يتوسّل منظّمو «مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية» (BAFF) «الوحي» هذه السنة. «الوحي» هو عنوان الدورة السابعة من المهرجان الذي يضع منظّموه برنامجاً يستمرّ طوال سنة 2022، من خلال برنامج افتراضي. الافتتاح يُقام اليوم في بيروت، في مسرح «مونو» في بيروت ويستمرّ حتى 28 تشرين الثاني (نوفمبر). وفي موازاة البرنامج، ستُعرض سبعة من أفلام المخرج اللبناني هادي زكاك في مدينة جبيل. أما البرنامج العام للمهرجان، فيُواصل عروضه طوال السنة افتراضيّاً حتى نهاية شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام المقبل. نركّز هنا على البرنامج البيروتي الذي ينطلق عند السادسة من مساء الليلة في «مسرح مونو» (مونو – بيروت) مع تحيّة إلى أحد أهمّ وجوه السينما اللبنانية برهان علويّة الذي رحل في أيلول (سبتمبر) الماضي. سيعرض فيلمه «رسالة من زمن المنفى» (1990) الذي جاء في سياق هجرة المخرج اللبناني بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وقبيل عودته إلى البلاد لإنجاز وثائقي «إليك أينما تكون» عن الأطياف التي لم تستطع نسيان الحرب في رؤوسها ومناماتها. يتضمّن البرنامج البيروتي 19 فيلماً تنطلق عروضها عند الثامنة من مساء اليوم من لبنان وإسبانيا وأميركا وبلجيكا وبلدان أخرى. خلال فترة العروض في مسرح «مونو»، سيوقّع زكّاك كتابه الجديد «العرض الأخير: سيرة سيلما طرابلس» الذي صدر أخيراً، فيما سيشارك في ندوات ولقاءات في المهرجان، حول الأفلام المعروضة إلى جانب وجوه أخرى منها المعمار اللبناني جورج عربيد، والراقصة والمخرجة والممثلة اللبنانية كارولين حاتم، والأكاديمية مي الكوسا، ومديرة المهرجان أليس مغبغب وآخرين ممن سيتوقّفون عند محطّات أساسية من تاريخ السينما والعمارة والرقص والفن والموسيقى ومواضيع أخرى تتناولها الأفلام المعروضة.
وتقام الدورة الحالية بالتعاون مع سفارات عدّة في لبنان منها السفارات الإسبانية والإيطالية والبلجيكية والأميركية و«معهد غوته»، التي تقدّم أفلاماً حول موضوع الكفاح الفني، وسعي الفنانين ومعاركهم من أجل كرامة الإنسان. كل ذلك في برنامج يتضمّن أفلاماً ووثائقيات حول تجارب فنية تتوزّع بين السينما، والرقص والموسيقى والفن التشكيلي والنحت والشعر في حقبات زمنية مختلفة. ولغاية كتابة هذه السطور، أعلن موقع المهرجان عن إضافة أربعة أفلام عن الشاعرة والرسامة إيتل عدنان التي رحلت قبل أيّام، فيما سيعلن عن تفاصيلها لاحقاً.

«رسالة من زمن المنفى»
برهان علويّة
18:00 مساء اليوم - مسرح «مونو»



يوجّه المهرجان تحيّة إلى المخرج اللبناني الراحل برهان علويّة (1941 – 2021) الذي رحل في أيلول (سبتمبر) الفائت. علويّة الذي يعدّ أحد أهمّ وجوه «السينما اللبنانية الحديثة» في سبعينيات القرن الماضي، أنجز فيلمه الأوّل «كفر قاسم» (1974)، فيما أخرج فيلمه الروائي الثاني «بيروت اللقاء» (1981)، قبل أن يُغادر بيروت إلى باريس بعد الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة اللبنانيّة. سيُفتتح المهرجان مع فيلمه «رسالة من زمن المنفى» (60 د – 1990) بالتعاون مع «نادي لكل الناس» والذي أنجزه علوية في باريس، بعد فيلمه «رسالة من زمن الحرب» (1984). في وثائقي «رسالة من زمن المنفى»، يرافق علويةّ أربع شخصيّات بين باريس وبروكسل وستراسبورغ: أحدهم المقاتل السابق في إحدى الميليشيات اللبنانية عبد الله، والصحافي العاطل عن العمل كريم، وتاجر السيارات رزق الله، والجرّاح نسيم. يجمع علويّة شخصيات لا رابط واضحاً بينها. يجمعها من خلال صوته وذاكرته التي تُعيد المتفرّج إلى بيروت ولو افتراضيّاً. علماً أن الفيلم سيقدّمه المخرج اللبناني هادي زكّاك موجّهاً تحيّة إلى علويّة. كما سيختتم البرنامج الافتراضي للمهرجان في 30 تشرين الأوّل (أكتوبر) مع فيلم علويّة الوثائقي «لا يكفي أن يكون الله مع الفقراء» (70 د – 1978) حول المعماري الراحل حسن فتحي، وعماراته الشهيرة التي عُرفت بعمارات الفقراء في مصر.

«الرجل الذي باع ظهره»
كوثر بن هنية
الأحد 21 تشرين الثاني (نوفمبر) – س: 20:00



يستقبل المهرجان أحدث أفلام كوثر بن هنية الذي تنافس العام الماضي على «أوسكار» أفضل فيلم أجنبي. في «الرجل الذي باع ظهره» (2020 – 100 د)، تطرح المخرجة التونسية قضية اللجوء من خلال اللاجئ السوري سام علي، الذي يهرب من حرب بلده إلى لبنان، قبل أن يقرّر اللحاق بحبيبته إلى أوروبا. لا يجد سام أمامه، إلا أن يبيع ظهره لأحد الفنانين التشكيليّين، ويوافق على تحويله إلى لوحة فنيّة. يضع الشاب السوري أمله في ظهره. يؤمن بأن ظهره هو جواز سفره إلى أوروبا للقاء حبيبته. لا يتوقّف الفيلم عند لحظات الحرب السورية، بقدر ما ينفتح على احتمالات اللجوء وطرقه الكثيرة، من خلال مواضيع متعدّدة منها الإتجار بالقضايا الكبرى، فيما يتركّز الشريط بشكل أساسي على العلاقة الإشكالية بين قضيّة اللجوء والحرب ومآسيها، وبين عالم الفن المعاصر بثرائه الفاحش.

«حقيقة لا دولشي فيتا»
غيسيبي بيديرسولي
20:00 مساء اليوم



يرجع وثائقي «حقيقة لا دولشي فيتا» (2020 – 83 د) إلى فترة حسّاسة ومعقّدة من حياة المعلّم الإيطالي فيديريكو فيلليني، وتحديداً إلى خمسينيات القرن الماضي. كان فيلليني حينها قد حصد جائزتي «أوسكار» عن فيلميه «لا سترادا» و«ليالي كابيريا» فيما كان يعاني في سعيه إلى الحصول على تمويل لإنتاج فيلمه الأشهر La Dolce Vita (1960). يرافق الفيلم تلك الفترة القلقة من حياة فيلليني المهنية التي كانت تنذر بولادة أشهر الأفلام في تاريخ السينما الإيطاليّة والعالمية. يستند الشريط إلى رسائل، ووثائق تستحضر الظروف التي عرقلت الفيلم وأدّت إلى ولادته في الوقت نفسه. كما أن الشريط يركّز بشكل كبير على علاقة فيلليني بمنتجه بيبينو أماتو الذي أنتج الفيلم في النهاية.

«السجناء الزرق»
زينة دكّاش
الأحد 28 تشرين الثاني – س: 20:00



بين عامي 2015 و2016، دخلت المسرحية والمخرجة اللبنانية زينة دكّاش إلى سجن روميّة، وتحديداً إلى المبنى الاحترازي أو المبنى الأزرق، الذي يضمّ ذوي الأمراض النفسية من مرتكبي الجرائم والمحجوزين في سجون لبنان. من خلال العلاج بالدراما، الذي تتبعه دكّاش في أعمالها مع الفئات العمريّة والاجتماعية المختلفة، أنجزت مسرحيّة يستند فيها السجناء العاديون إلى قصص السجناء في المبنى الأزرق. يخضع المرضى النفسيّون هناك إلى مواد قانون العقوبات الصادر عام 1943 ويوصّف المرضى السجناء على أنهم مجانين وممسوسين يتم احتجازهم في المأوى إلى حين ثبوت شفائهم. لكن هذا يحتّم عليهم قضاء فترة سجن مؤبّدة، خصوصاً أن ظروف السجن نفسها ستخفق أي محاولة لشفائهم. كلّ هذه الرحلة الطويلة التي خاضتها المخرجة مع السجناء، سنشاهدها في فيلم «السجناء الزرق» (75 د – 2021) الذي جال وشارك في مهرجانات عالميّة عدّة.

«جيل: بونويل، لوركا، دالي»
خافيير إسبادا وألبير مونتون
الأحد 28 تشرين الثاني – س: 18:00



يسلّط الفيلم الضوء على ثلاثة من أبرز الوجوه الفنية الرائدة في إسبانيا القرن العشرين: المخرج لويس بونويل والفنان سلفادور دالي والشاعر فدريكو غارثيا لوركا. في «جيل: بونويل، لوركا، دالي» (75 د – 2020)، يتتبع خافيير إسبادا وألبير مونتون، الآثار التي تركها هذا الثلاثي في الأمكنة والمدن التي زاروها: بين نيويورك والمكسيك وبرشلونة ومدريد وباريس وفالنسيا. كما يأخذنا إلى التجارب الفنية السوريالية لهذا الثلاثي منذ نهاية عشرينيات القرن الماضي، برفقة شعراء وفنانين آخرين. غير أنّ أحلام بونويل ولوركا ودالي، وطموحاتهم وتيارهم الفني الذي تمرّد على الرومانسية تلك الفترة، اصطدم أخيراً بمآسي الحرب الإسبانيّة، فكانت مصائرهم إمّا المنفى أو القتل كما حدث للوركا.

«أوسكار ميشو:
بطل السينما الأفرو أميركيّة»
- فرانشيسكو زيبل
الاثنين 22 تشرين الثاني – س: 20:00



ينقّب المخرج فرانشيسكو زيبل في إحدى التجارب السينمائية المنسيّة في أميركا. اختار المخرج الأفرو أميركي بطلاً لفيلمه «أوسكار ميشو: بطل السينما الأفرو أميركيّة». يعد ميشو رائد السينما الأفريقية الأميركيّة وأنجح مخرجيها، أنجز في النصف الأوّل من القرن العشرين منجزاً حوالى 44 فيلماً. عام 1919، كان ميشو المخرج الأفريقي الأوّل الذي ينتج ويخرج فيلماً روائياً طويلاً يؤدي بطولته ممثلون من ذوي البشرة السوداء بعنوان Homesteader. يستند المخرج الإيطالي زيبل إلى مقاطع ومشاهد من أفلام ميشو الذي اتخذ على عاتقه مواجهة التنميطات العنصريّة على الشاشة الأميركيّة، خصوصاً تلك التي ظهرت في فيلم «ولادة أمّة» (1915) للمخرج ديفيد وارك غريفيث.

«عمر الشريف: حياة بدوي»
جاشا هانوفر
الأحد 28 تشرين الثاني – س: 17:00



ثمّة أفلام عدّة صنعت شهرة الممثل المصري عمر الشريف (1931 – 2015) عالمياً أشهرها «لورنس العرب» (1962)، و«دكتور زيفاغو» (1965). محطّتان أساسيّتان في تجربة أحد أشهر الممثلين العرب، يتوقّف عندهما شريط «عمر الشريف: حياة بدوي» (52 د – 2020) للمخرج الألماني جاشا هانوفر، الذي يصوّر التناقضات في حياة الرجل، كلاعب بريدج وكدونجوان، وكمسافر أمضى الجزء الأكبر من حياته في الفنادق. يستند المخرج في ذلك إلى مقابلات وأحاديث مع أقربائه مثل ابنه طارق شريف وحفيده عمر شريف جونيور، بالإضافة إلى ممثلين وشخصيات أخرى ممن عملت مع عمر الشريف ورافقت تجربته.

هادي زكّاك
توقيع كتاب «العرض الأخير: سيرة سيلما طرابلس»
الاثنين 22 تشرين الثاني (نوفمبر) – س: 16:00 - مسرح «مونو»



عروض أفلام: على مدى ثلاثة أيام (19، و20، و21 تشرين الثاني/ نوفمبر) في سوق مدينة جبيل
يحتفي المهرجان بتجربة المخرج اللبناني هادي زكّاك بين بيروت (مسرح مونو) ومدينة جبيل. عند الرابعة من بعد ظهر الاثنين 22 تشرين الثاني، يوقّع زكّاك كتابه الجديد «العرض الأخير: سيرة سيلما طرابلس» في «مسرح مونو». يروي الكتاب سيرة سينما طرابلس التي احتلّت مكانة مهمّة في حياة المدينة، وامتدّت على مدى عقود من الثلاثينيات حتى نهاية القرن العشرين. يروي هذا الكتاب سيرة صعود وازدهار الـ«سيلَما»، حيث تتكون سيرتها من المعابد والطقوس والقصص والأفلام والنجوم، ومن علاقة السينما نفسها مع حياة مدينة عربيّة اختبرت كل أنواع الأفلام في حياتها. كذلك، يحتفي المهرجان بتجربة زكّاك السينمائية من خلال عرض أفلامه في سوق جبيل القديم بالتعاون مع «المركز الثقافي البلدي في بيبلوس» (CLAC)، وجهات أخرى.
على مدى ثلاثة أيام (19، و20، و21 تشرين الثاني/ نوفمبر)، ستُعرض سبعة أفلام من ريبرتوار المخرج «يا عمري» (2017)، و«هاني مون» (2013)، «بيروت وجهات نظر» (2000)، «درس في التاريخ» (2009) و«لبنان من خلال السينما» (2013)، «مارسيدس» (2011)، و«سينما الحرب في لبنان» (2003).


الدورة السابعة من «مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية»: 18:00 مساء اليوم حتى 28 تشرين الثاني (نوفمبر) ــ «مسرح مونو» (مونو – بيروت).
للاستعلام: https://beirutartfilmfestival.org