«انظروا إلى هذا، لم نعد نشعر بأنّنا في وطننا». الجملة التي قالتها سيدة فرنسية خمسينية حين جلست في المترو، ورأت قبالتها شابة فرنسية محجّبة، أشعلت الشبكة العنكبوتية حال نشر الفيديو على اليوتيوب قبل أيام. لاقى شريط «عنصرية في المترو» استنكارات عدة داخل فرنسا وخارجها، تنديداً بالعنصرية والعنف المعنوي الممارس على الشابة.
وجاء هذا الشريط «الصدمة» كما سمّي، بعد النجاح الذي أحرزه «حزب الجبهة الوطنية» الفرنسي اليميني في الانتخابات الأوروبية. صحيح أنّ الإسلاموفوبيا ظاهرة تزداد في فرنسا بحسب الإحصائيات، إلا أنّ هذا الشريط كان مجرد «تمثيلية» تقف وراءها محطة «فرانس 4»، التي بدأت الاثنين الماضي عرض برنامج جديد هو Cam Clash. من الاسم، يمكن استنتاج أنّ البرنامج يقوم على فكرة الكاميرا الخفية، لكن ليس للإضحاك وبث المرح في نفوس المشاهدين، بل لرصد ردود أفعالهم على قضايا وآفات كثيرة مثل العنصرية والإسلاموفوبيا، والتمييز الجندري وغيرها. «فورما» البرنامج مقتبس عن النسخة الأميركية لبرنامج what would you do؟ ويستند إلى قصص حقيقية حصلت في الشارع أو في الأماكن العامة مثل التحرش الجنسي، والزينوفوبيا (كره الأجنبي) والهوموفوبيا والعنصرية تجاه البدينين. يقوم شهود العيان الذين اختبروا إحدى هذه الحوادث في مكان عام، بالتواصل مع مراسل البرنامج بابتيست إتشيغاراي ليعيد إنتاج وتمثيل ما سمعه من هؤلاء الشهود. هكذا، وقع الاختيار على اختبار العنصرية تجاه المحجبات. وقد جرى هذا الأمر فعلاً برفقة ممثلين من أبرزهم السيدة الخمسينية التي توجهت بكلام جارح وعنصري الى الفتاة المحجبة، ما لاقى ردود فعل شاجبة في المترو، مع تسجيل لصوت واحد وافق على هذه العنصرية وزاد عليها بالقول: «علينا أن نعلن الحرب على الغرباء».
برغم أنّه يدفع الانسان إلى «صحوة إزاء العنف المجتمعي الممارس على الآخر» كما وصف، إلا أنّ هذا البرنامج طرح العديد من الأسئلة والتحديات الأخلاقية والمهنية، وخصوصاً تلك المتعلقة بالتمييز بين حصول الحادثة فعلاً أم عدم حصولها. ويزداد الأمر خطورة مع انتزاع الفيديو من سياقه وسرعة انتشاره على شبكات التواصل الاجتماعي ووقوع المشاهدين وحتى الإعلام في الفخّ قبل اكتشاف الحقيقة، ما قد يضرّ أحياناً بالقضية الأساسية التي يناقشها البرنامج.




على خطى Stromae

استوحى برنامج Cam Clash فكرته الأساسية من المغني البلجيكي Stromae (1985). نشر الفنان عام 2013 أغنيته Formidable المصورة عبر كاميرا خفية في أحد شوارع بروكسل. شريط يظهره وهو في حالة يرثى لها، إذ أطلّ بثياب متسخة ويعاني حالة السُكر، ويجلس في الشارع مطأطأ الرأس من جراء ترك حبيبته له فيما يحاول المارة مساعدته. الفيديو شاهده أكثر من 7 ملايين متابع على يوتيوب، وكان هدف المغني لفت الأنظار إلى أغنيته الجديدة وقتها. وسارت منظمات حكومية عدة على خطى كليب المغني للترويج للقضايا التي ترفع لواءها.