امبرتو إيكو: حوار في الإيمان

أمام باب الكنيسة، يقف رجلان باتجاه معاكس ليتناقشا في أكثر المواضيع جدلاً حول الإيمان. الأول الروائي امبرتو إيكو (1932-2016/ الصورة) أحد أهم روّاد علم السيميائيات، والثاني كارلو ماريا مارتيني (1927-2012) من كبار وجوه الكنيسة الكاثوليكية. في «بماذا يؤمن من لا يؤمن» الذي انتقل أخيراً إلى لغة الضاد (منشورات المتوسط) بعد 21 سنة على نشره بلغته الأصلية، سيكون القارئ العربي أمام مشهدية تحمل حواراً بين قطبين. يتناول الاثنان قضايا الإجهاض ونهاية العالم والنساء والدين والأخلاق وغيرها من العناوين المثيرة للجدل في كتاب ايكو الذي وُصف بأنه «قصير وصعب». تولّت أماني فوزي حبشي ترجمة العمل، لتضم إلى سيرتها عملًا آخر تنقله عن الفيلسوف الإيطالي، وقام الباحث في مجال دراسات الترجمة والتثاقف سامح حنّا بمراجعة المادة العلمية في الكتاب كما تولّى التقديم له. يؤكد حنا في تقديمه أن الكتاب مميز في طرحه لسيناريو جديد من نوعه. فقد تفرز الثقافة الإيطالية حواراً بين رجل دين وكاتب يتبنى وجهة نظر علمانية، لكن في الثقافة العربية، هذا أمر مستهجن بعض الشيء. تعود فكرة «بماذا يؤمن من لا يؤمن؟» إلى مسعى فيرناندو أدورناتو، الذي كان مدير تحرير مجلة «ليبرال» آنذاك، بأن يخلق تواصلاً بين الكاردينال مارتيني وبين إيكو. اللقاء نتجت عنه مراسلات نشرتها المجلة بين عامَي 1995 و1996، ومن ثم جمعت في كتاب مؤلف من 96 صفحة.

ساري حنفي: مزاوجة الفقه والعلم


«لا يمكن اختزال الدين في الفقه، والفقه يلزمه فهم الأخلاق» هي الفكرة الأساسية لكتاب «نحو تجاوز القطيعة - أليس الصبح بقريب» (مركز نهوض للدراسات والنشر) لرئيس «الجمعية الدولية لعلم الاجتماع» والباحث في الجامعة الأميركية في بيروت البروفيسور الفلسطيني ساري حنفي (الصورة). يرى حنفي أن الفقه يحتاج إلى أدوات غير تقليدية في ميدان العلوم الإنسانية عامة والاجتماعية خاصة، لكي لا تصبح هناك قطيعة بين الاثنين. لذلك يطرح رؤية لتجاوز التباعد بين الفقه والعلم. الكتاب عبارة عن خلاصات أبحاث ميدانية أُجريت خلال خمس سنوات حول دراسة كليات الشريعة في بعض البلدان العربية في المشرق والمغرب، بالإضافة الى ماليزيا، حيث درس حنفي مكوّنات هذه الكليات ومناهجها وطرائق تدريسها لعلوم الشرع وربطها مع العلوم المعاصرة. يرتكز حنفي إلى ثلاثة أركان أساسية في الرؤية التي يطرحها لنجاوز القطيعة بين العلوم التشريعية والمعاصرة هي: تبيئة المعرفة وفقاً لطريقة الفصل والوصل القائمة على تحديد الموضوع البحث وطبيعته العلمية أو الدينية، ثم تحليل الموضوع حسب طبيعته المذكورة، وصولاً إلى إنشاء الرابطة بينهما، المنهجية المقاصدية التي تحكمها الغاية من الشريعة والتوسّع فيها، والمقاربة الأخلاقية للدين. في نهايته، يرنو الكتاب إلى خلاصة مفادها أن المخرج من التقابلات الضدية بين العلوم التشريعية والعلوم المعاصرة لا يكون إلا عبر الجمع بينهما من خلال التحصيل العلمي المزدوج.

الثورة الإيرانية بين شريعتي والخميني


«جذور الثورة الإسلامية في إيران» («مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي» في بيروت ــ ترجمة عبد الرحمن أبو ذكرى) هو عنوان كتاب الباحث الأميركي من أصل بريطاني حامد الگار (الصورة) الذي تكمن أهميته في أنه من الكتب الأكاديمية التي حاولت مقاربة الثورة الإسلامية في إيران من زاوية تاريخية وفكرية ودينية مشتركة عبر قراءة دور التشيّع في التاريخ الإسلامي وصولاً إلى دور المفكر علي شريعتي والإمام الخميني في التأسيس للثورة عبر مشاريع فكرية ودينية متطورة. علماً أنّ حامد الگار أستاذ سابق في الدراسات الإسلامية والإيرانية في «جامعة كاليفورنيا بيركلي»، وخرّيج «جامعة كامبردج»، انتهج طريق التصوّف الإسلامي، ويجيد أكثر من عشر لغات ومتخصّص في الحركات الإسلامية ومهتمّ بتاريخ إيران وتركيا والبلقان وأفغانستان والأدب العربي والفارسي. والكتاب كان بداية سلسلة محاضرات ألقاها المؤلف في «المعهد الإسلامي» في لندن بدعوة من كليم صديقي، ومن ثم طوّرها المؤلف لتصبح كتاباً مستقلاً. علماً أنّ المعهد الإسلامي في لندن كان من أهم المؤسسات الفكرية والبحثية التي نشطت في بريطانيا لتطوير الفكر الإسلامي خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ومؤسّسه المفكر كليم صديقي الذي قدّم كتاب الگار. تتوزّع المحاضرات في الكتاب على العناوين التالية: إيران والتشيّع وبعض ملامح التاريخ الإيراني قبل الثورة، الإمام الخميني كتجسيد لتقليد قديم عن دور علماء الشيعة في الثورات ودور الإمام الخميني بشكل خاص، الإسلام بوصفه إيديولوجيا، ونموذج علي شريعتي وفكره وتأثيره في الثورة الإسلامية في إيران، عام الثورة حيث استعراض للتطورات التي حصلت قبل انطلاق الثورة وانتصارها في عام 1979.
وتضمّن الكتاب مناقشات وحوارات بين الكاتب وعدد من الشخصيات الفكرية خلال إلقاء المحاضرات، إضافة إلى بعض الملاحق والمعلومات الخاصة بالدين الإسلامي ودور التشيّع.
الكتاب يشكل وثيقة فكرية وتاريخية مهمة حول جذور الثورة الإسلامية ورؤاها الفكرية والأفكار المؤسّسة لها وهي تساعد في فهم هذه الثورة بعيداً عن الاصطفاف الطائفي والمذهبي ومن خلال رؤية علمية وتاريخية موضوعية.