على ضفة الإعلام الخليجي، كان منسوب الهجوم والأبلسة هو الأعلى بحق وزير الإعلام جورج قرداحي الذي كان ذنبه التعبير عن رأيه بشأن العدوان على اليمن. هبّت القنوات الخليجية لشّن حملة شعواء على قرداحي، وتوسيع رقعة تداعيات تصريحاته لتصل إلى مصافي «تهديد» العلاقات الخليجية-اللبنانية. هكذا، تسيّدت قناة «العربية» السعودية الجوقة المحرّضة، معتبرةً أنّ قرداحي «يورّط» لبنان في أزمة مع الخليج، وهو بذلك «ارتكب حماقة» واضحة، كما جاء على لسان سارة دندراوي مقدمة برنامج «تفاعلكم».
خصّصت «سكاي نيوز» مساحة تحليلية للهجوم على قرداحي

إذ بدا واضحاً النبرة المتعالية وحتى تلك التي تتضمّن تحقيراً واضحاً بحق قرداحي، وتذكيرها بأن «البدو أصحاب فضل على اللبنانيّين»، كما يفعل أغلب الإعلام الخليجي في تمنين اللبنانيين في لقمة عيشهم في دول الخليج، مع كل أزمة تنشأ في بلاد الأرز. الشبكة السعودية أبرزت المساحة الأوسع لتصريحات سفراء الخليج، وردود الأفعال الديبلوماسية والسياسية الداخلية اللبنانية والخليجية، فيما وصفت شبكة «سكاي نيوز» الإماراتية قرداحي بـ «بطل الأزمة الديبلوماسية» بين لبنان والخليج، وخصّصت في ما بعد مساحة تحليلية حول «مخاطر الابتعاد عن المحيط العربي». واستغلت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في لبنان، لتزيد الطين بلّة، في سياق تهويلي، على اللبنانيّين، بتحميل قرداحي مسؤولية تصعيد الخلافات مع دول الخليج، وتحمّله نتيجة «مواقفه المدّمرة» وبالتالي «عزلة لبنان» عن محيطه العربي. كما لم يسلم قرداحي من ربط مباشر بـ «حزب الله» لمزيد من التحريض، عبر القول بأنه ينتمي إلى كتلة لها علاقة بالحزب. واللّافت هنا، تركيز المحطة على حركة السوشال ميديا والحملات الشعواء التي شُنت بحق قرداحي، واعتبار أنّ هذا الأمر يندرج ضمن «التعبير عن صوت الناس»، مع إغفال طبعاً، أن هذه الحركة أغلبها يقع ضمن خانة الروبوتات والحملات المنظمة المبرمجة والخارجة من غرفة عمليات واحدة. على مقلب «الجزيرة» التي خرج من منبرها الإلكتروني برنامج «برلمان شعب» وأُثيرت حول حلقته الأخيرة هذه الزوبعة المقصودة، لم تدخل القناة القطرية في لعبة التحريض المباشرة التي قادتها وسائل إعلام خليجية أخرى، بل اعتمدت لغة تقريرية، تُعيد توصيف ما حدث، وتردّد المواقف السياسية والديبلوماسية الصادرة عن جهات خليجية ولبنانية... لنرسو أخيراً، على الصحافة السعودية الخليجية التي هاجمت بكل قواها جورج قرداحي، مع تنطّح عدد من كتّابها لمهاجمته وصولاً إلى الإساءة الشخصية إليه. هكذا، نشرت صحيفة «عكاظ» مجموعة مقالات هجومية ضد قرداحي، الذي اتهم بأنه «مستأجر لصالح طهران»، ويمثل «بوق حزب الله» و«ميليشيات الحوثي»، وهو يقف اليوم «ضد مصالح اللبنانيّين».