صار واضحاً أنّ mtv تشكّل رأس الحربة في الحملة الإعلامية على جورج قرداحي (وما يمثّله) الذي يتعرّض لهجوم غير مسبوق بسبب التصريحات التي أدلى بها ــ قبل تعيينه وزيراً للإعلام ـــ في برنامج «برلمان شعب» الذي يبثّ على منصات «الجزيرة» الالكترونية. أول من أمس، أكملت محطة المرّ هجومها على قرداحي، منفردة بخبر تحريضي نشرته على موقعها الإلكتروني وصفحاتها على السوشال ميديا عن نيّة بـ«إغلاق نهائي لمكاتب mbc في لبنان». ربطت المحطة بين قرار القائمين على الشبكة السعودية بإقفال استديوهاتها في منطقة ذوق مصبح (شمالي بيروت) ومواقف قرداحي التي وصف فيها حرب السعودية على اليمن بأنها «عبثية ويجب أن تنتهي». المحطة التي كانت من أوائل القنوات التي هاجمت قرداحي في أخبارها ونشراتها اليومية، نقلت استنكار رئيس مجلس إدارة mbc وليد آل ابراهيم لـ «المواقف الصادرة عن قرداحي المستغربة وغير المقبولة بتاتاً، ولا تعبّر إلا عن الآراء المنحازة لمطلقيها والمجحفة بحق تضحيات أهلنا في المملكة». «تفرّدت» المحطة بخبر إقفال المكتب الذي تأسّس قبل سنوات طويلة، وكان سبباً رئيساً في توسيع انتشار شبكة mbc وحصولها على نسبة مشاهدة عالية لبرامجها. «الخطورة» في خبر القناة اللبنانية، ليس ذكر إقفال مكتب mbc في بيروت (القرار متَّخذ منذ فترة)، بل ربطه مباشرة بأقوال قرداحي، كأننا بها تحرّض عليه وتحمّله مسؤولية تلك الخطوة التي قد يذهب ضحيّتها مئات العاملين اللبنانيين في الشبكة!في هذا السياق، أحدث خبر إقفال مكاتب الشبكة السعودية في بيروت، بلبلة في الأوساط الإعلامية. بدأ التساؤل عن مصير مئات العاملين اللبنانيّين في المكتب من صحافيّين وتقنيّين ومصوّرين، بخاصة أنّهم عاشوا في السنوات الأخيرة مطبّات عدّة كادت أن تؤدي إلى إقفال المكتب مراراً على خلفية التوتّرات السياسية بين المملكة ولبنان. لم تمر ساعات على خبر mtv حتى أكّدته صحيفة «عكاظ» السعودية، مستندة إلى معطيات مقال mtv من دون إضافة أيّ معلومة جديدة. لكن ما الرابط بين تصريحات قرداحي وخبر الإقفال؟ في هذا الإطار، تلفت مصادر لـ «الأخبار» إلى أن مهمة القنوات اللبنانية وتحديداً mtv و «الجديد» و lbci، هو تلميع صورة السعودية والوقوف إلى جانبها ضد قرداحي. هكذا، تولّت mtv (مع زميلتيها) هذه الحملة ورفعت لواء تلميع صورة ولي العهد بن سلمان و«تبرير» حربه على اليمن، محاولةً تقديم «شهادة حسن سلوك». أكثر من ذلك، لقد حرّضت على مقدّم برنامج «المسامح كريم»، وراحت تزايد على وسائل الإعلام الخليجية وتحمّل قرداحي مسؤولية قرار mbc.
لم يتبلغّ الموظّفون بعد أيّ قرار رسمي بشأن إغلاق مكتبهم


أما بالنسبة إلى ملفّ إقفال mbc في بيروت وربطه بتصريحات قرداحي، فتلفت المعلومات لنا إلى أن الموظفين لم يتبلغّوا بعد أيّ قرار رسمي بشأن إغلاق مكتبهم بشكل نهائي. وتشرح المصادر، بأنّ قرار نقل مكاتب mbc من بيروت إلى الرياض لا علاقة له بمواقف قرداحي بتاتاً، بل إنّه قرار اتُخذ قبل نحو ستة أشهر، ويندرج ضمن خطة بدأ تطبيقها منذ أسابيع وتقضي بإعادة الشبكة السعودية إلى أرض المملكة. وقد تمثّلت تلك الخطة، بداية في انتقال موظفي قناة «العربية» من دبي إلى الرياض تدريجاً، على أن تطبّق بشكل كامل في منتصف عام 2022، ويبدأ لاحقاً انتقال جميع العاملين في mbc و قناة «الشرق» السعودية من الإمارات إلى المملكة. هذا القرار أيضاً سببه خلافات سياسية بين «الشقيقين» السعودي والإماراتي، إضافة إلى تعزيز الرياض كـ«واجهة» إعلامية تخضع مباشرة لولي العهد محمد بن سلمان.
من هذا المنطلق، فإن قرار نقل مكاتب mbc من بيروت إلى الرياض صدر قبل أشهر. طبعاً، فالتوتّرات السياسية بين بيروت والرياض لعبت دوراً في تسريع الخطة، إذ توضح المصادر أن السعوديّين استغلّوا موقف قرداحي لتفعيل القرار واستعجال عملية الانتقال من دون صدور أيّ قرار رسمي يحدّد موعد الإقفال وآلياته.
تشير المعلومات إلى أن مئات العاملين في لبنان بين موظّف ثابت (قرابة 200) و«فري لانسر» (متعاقدين) في mbc يواجهون مصيراً مجهولاً. إذ يتردّد في الأوساط، أن خطة mbc التي وضعت قبل أشهر، تتمثل في انتقال بعض الموظّفين من بيروت إلى المملكة وآخرين إلى دبي، فيما سيتمّ إنهاء خدمات البقية. وتلفت المعلومات إلى أنه في الساعات الأخيرة، نشطت الاتصالات بين القائمين على الشبكة وإدارة مكتب بيروت للبحث في مصير الاستديوهات، ويرجّح تأخير إقفالها النهائي هذه الفترة، مع الاكتفاء بتسريع عملية الانتقال المتوقعة من بيروت إلى الرياض، بخاصة أن الاستديوهات في بيروت كانت تشهد تصوير أهم البرامج من بينها «آراب أيدول» و«أراب غوت تالنت» و«ذا فويس» وغيرها من الأعمال التي حطّمت أرقاماً قياسية في نسب المشاهدة. وكانت الشبكة تستعدّ لتصوير مشاريع أخرى في الأسابيع المقبلة من بينها «عراق أيدول» و «The Masked Singer إنت مين؟».
على الضفة الأخرى، ليست المرة الأولى التي يدفع فيها قرداحي ثمن مواقفه السياسية. في عام 2011، قال إنّ «الثورة السورية مؤامرة مفضوحة تستهدف أمن البلاد واستقرارها ونهضتها». يومها، كلّفه هذا الموقف قطيعة مع mbc التي سطع نجمه فيها طوال أكثر من عشر سنوات. استمرت القطيعة سنوات، قبل أن تعود المياه إلى مجاريها قبل نحو أربعة أعوام قريباً. في هذا الإطار، تلفت المعلومات إلى أن العلاقة بين قرداحي وmbc كانت في أوجها في الفترة الماضية. قبل أسابيع قليلة، شارك المقدم الذي عرف شهرة واسعة في برنامج «من سيربح المليون» الذي عرضته الشبكة (بين أعوام 2000 و 2010)، بالاحتفالية الثلاثين على تأسيس mbc. أُقيمت السهرة في البرتغال وقدّم قرداحي حلقة خاصة من «من سيربح المليون» حيث استضاف أبرز الوجوه التي شاركت في إطلاق الشبكة. في المقابل، تُشير الأخبار إلى أنّ قرداحي لم يتلقَّ أيّ اتصال من القائمين على mbc بشأن تصريحاته، سواء بردّة فعل إيجابية أو سلبية.