أثبت الكاتب والممثل والمخرج المسرحي بسَّام الأشرم حضوره في السَّاحة الفنيَّة خلال تسعينيَّات القرن الفائت وحصل على جوائز كثيرة، لكنَّها لم تسعفه في مواصلة حلمه، إذ اضطرَّ تحت وطأة الظروف القاهرة إلى هجر المسرح والعمل في مهن مختلفة لإعالة عائلته، لكنّه أورث شغفه لابن يبدو أكثر عناداً منه، رغم الظروف التي لا تقل سوءاً والزمن الذي لا ينفكّ يُعيد نفسه. ولمَّا كانت الدراسة الأكاديميَّة للتمثيل متعذّرة في قطاع غزَّة، فقد جاء إعلان أحد المخرجين المعروفين في غزَّة قبل عقد من الزمن عن دورةٍ لتدريب وتأهيل ممثلين، بمثابة فرصة لا ينبغي تفويتها بالنسبة إلى الشاب حسن الأشرم. سارع مع آخرين ينتمون إلى محافظات مختلفة في غزَّة إلى الانضمام إلى الدورة وتسديد الرسم المالي الكبير بالنسبة إليهم. ولكن الدورة التي لم تقدّم شيئاً يُذكَر، كانت بمثابة مقلب صغير، لكنَّها لم تقتل طموح حسن ورفاقه الذين تعرَّف إليهم في الدورة، فكان هذا التلاقي هو ثمرتها الوحيدة. بعدها، جاءت السوشال ميديا لتكون حلاً مناسباً، لم يتوان حسن عن استغلاله والإفادة منه، فأنشأ صفحة سمَّاها «غيّر وتغيّر» نشر من خلالها اسكتشات من كتابته وتمثيله مع ستة من رفاقه، فلاقت الصفحة إقبالاً ممتازاً من الناس ووصل عدد المشاهدات إلى عشرات الآلاف.
يحلم بانطلاقة جديدة في مصر

أمَّا الفرصة الحقيقيَّة على الشاشة، فجاءت من المخرج يوسف الصيفي الذي فاجأ حسن باقتراحه لدور المحقّق، وهو أحد الأدوار الرئيسيَّة في فيلمه «الباب الدوّار» الذي يحكي سيرة الشهيد باسل الأعرج (2018)، وبعده فيلمه «أرض الصوَّان» (2018)، قبل أن يستعين به المخرج علي عصافرة ويمنحه بطولة مطلقة في فيلمه الوثائقي «العين الحمراء» (2020) عن عمليَّة الشهيد محمد زياد الخليلي الذي اقتحم مستوطنة وقتل وجرح عدداً من المستوطنين والجنود قبل أن يستشهد عام 2002. ثمَّ أعطاه المخرج حسام أبو دان دور عاصم (الشهيد عصام براهمة) في مسلسله «ميلاد الفجر» (2021). يأخذ الأشرم على الإنتاج الدرامي والسينمائي في غزَّة توزّعه على جهات محدَّدة يشغلها أكثر تقديم روايتها الخاصَّة للأحداث والحديث عن تجربتها في المقاومة والإضاءة على إنجازاتها، ما يُنتج تغييباً شبه كامل للهمّ الاجتماعي والقضايا الحياتيّة «العاديَّة» غير المرتبطة بشكل مباشر بالقضيَّة الأساس. يستدلّ على ذلك بالحديث عن نصّ فيلم قصير كتَبَه بنفسه وتناول فيه موضوعَي المخدّرات والبطالة فنال إعجاب كل من قرأه، ولكنّ أحداً من المعنيّين لم يتحمّس لإنتاجه لأنَّه لا يتوافق مع أجنداتهم الخاصَّة.
يحلم حسن الأشرم في ختام حديثه معنا بانطلاقة جديدة في الجارة مصر، قبلة الفنّانين العرب، ويخطّط لذلك واضعاً لنفسه مهلة سنة واحدة قبل الشروع بتنفيذ حلمه إن بقيت العوائق على حالها في غزَّة، لكن الخروج أيضاً دونه عوائق قد لا تقل صعوبة. بعدما تقرَّر سفره إلى تونس العام الماضي مع خمسة ممثلين آخرين لتمثيل فلسطين في أحد المهرجانات الفنيَّة وتقديم عرضهم المسرحي «نخاسة»، جاء قرار توفيرهم ثمن الجوازات وتذاكر السفر ذهاباً وإياباً مع بقيّة المصاريف بأنفسهم، ليُطيح بحلم طال انتظاره.