محروم من مشاهدة المباريات وبرامج المنوعات وحتى الأفلام والمسلسلات والكلاسيكيّات
وكان لافتاً إبّان الموسم الرمضاني الماضي، استعادة مصر دورها الرّيادي في الإنتاج بعد تخبّطٍ مرّت به، وخسائر مُنِي بها القطاع الإنتاجي تخطّى الأربع مليارات جنيه عام 2015. حقّقت «الشركة المتحدة» إيرادات هذا العام، هي الأعلى في تاريخ الدراما المصرية، إلى جانب عقد التّطبيق شراكات مع الهيئات الوطنية لحفظ التراث وإتاحتها على منصّته. على المقلب السعودي، وعلى غرار الفورة التي أحدثتها «نتفليكس» عالمياً ، ودخولها عام 2019 على خط إنتاج أعمال أصلية ناطقة باللغة العربية، أُعيد إحياء تطبيق «شاهد» (انطلق عام 2008)، عام 2020 بحلّة جديدة وزخم غير مسبوق. تطبيق استطاع بسرعة قياسية، التغلغل في المشهد العربي الدرامي والإخباري والتسويقي لسياسات السعودية. استثمر في الإنتاجات الأصلية، واستقطب أسماء هامّة على خريطة الدراما العربية، واستحوذ على حقّ البث الحصري على منصته، وقدم محتوى باللغة الإنكليزية للعالم الغربي، وترجمات أيضاً من العربية إلى الإنكليزية لإنتاجاته الخالصة. كما أدخل السياسة إلى ربوعه بشكلٍ غير مباشر عبر الخطوط الدرامية، أو من خلال تشبيكه مع قنوات سعوديّة هامة على رأسها «الشرق» التي يملكها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وأبرم كذلك العام الماضي، شراكات واسعة مع علامات تجارية هامة، عالميّة وإقليمية. ومع إطلاقه خدمة «شاهد VIP»، لوحظ - بحسب رئيس المحتوى في التطبيق السعودي جاكوب ميجلهد أندرسن-، أنّ 50% من عمليات التشغيل للمحتوى تمّت عبر شاشات التلفزة الكبيرة، وتلك المدمجة بالأجهزة التلفزيونية الذكية، بما معناه أن تلك التطبيقات الإلكترونية، قد حلّت بالفعل مكان التلفزيون التقليدي، وباتت هذه الشاشات تستخدم للمشاهدة عبر الإنترنت. وفي لبنان، تجربة مختلفة، بدأت عام 2018، مع دخول بعض القنوات المحلية مرحلة الدفع المسبق على منصاتها الإلكترونية. lbci كانت أوّل الدّاخلين في هذه اللعبة، علّها تجني عائدات مالية، مع طرحها مشاهدة بعض برامجها الأرشيفية، مقابل دفع مبلغ شهري أو سنوي بالدولار الأميركي. انسحبت هذه الظاهرة على «الجديد»، وotv، وبقيت mtv، خارج لعبة الدفع المسبق للبنانيّين، وحصره فقط بالقاطنين خارج الأراضي اللبنانية. تجربة لم يُكتب لها النجاح، لفقدانها أدنى مقوّمات السوق التلفزيوني المدفوع، وغياب الإنتاجات الخاصة بالعالم الإلكتروني، يُضاف إليها ضعف البرمجة وغياب الاستقطاب نظراً للأزمات الاقتصادية والمالية التي خنقت هذه المنصات وما زالت. هكذا، إضافة إلى الأزمات التي تزنّر المواطن العربي وتحديداً اللبناني، الذي بات هاجسه اليومي التفتيش عن لقمة عيشه، حُرم بدوره من متعة الترفيه، ومشاهدة المباريات، وكذلك من برامج المنوعات وحتى الأفلام والمسلسلات والكلاسيكيّات على شبكة «نتفليكس» مثلاً، بعد أزمة الدولار وامتناع المصارف عن إعطائه للمودعين (بسبب الدفع عبر البطاقة الائتمانية). حرمانٌ يُضاف اليوم إلى أزماته، بعدما شكّلت هذه المساحة متنفّساً له، وهروباً من واقعه المرير.
هكذا، يُحاصر المتابع، بأخطبوط من المال والاحتكار يمتدّ عربياً إلى عالم الترفيه والدراما، فتُتاح أمامه لقطات صغيرة من برنامج فنيّ حواري على شبكات التواصل الاجتماعي، ويدعوه الفيديو إلى متابعة بقيّة الحلقة على أحد التطبيقات المذكورة آنفاً، فيقف حائراً في واقعه الجديد، ويتأكّد بأنّه بات خارج هذا العالم، وببساطة رُكل إلى غير رجعة لأنه ببساطة ليس لديه حساب بنكي بالدولار، وينتمي إلى قاعدة
الفقراء!